زكية إبراهيم الحجي
ثمة حكمة صينية تقول «من استهان بالوقت خسر مستقبله» وذلك لما للوقت من أهمية قصوى في حياة المجتمعات على اختلاف أجناسهم فالوقت هبة من الله.. ولا شك أن التطور التقني والازدهار الحضاري الذي يعم غالبية مجتمعات العالم هو نتاج استثمار الوقت والالتزام بمواعيد العمل.. وكل نجاح يحققه الإنسان جزء منه يعود إلى احترام الوقت.. فهل عدم الالتزام بالمواعيد اختباءٌ خلف ضغوطات الحياة أم أنه تهاون وعدم مبالاة.
الدقائق والثواني في حياة كل منا لها وزنٌ وحساب.. واحترام الوقت والالتزام بالمواعيد تجاه الآخرين هو القيمة الذاتية التي نمنحها للآخر وعلى الرغم من انتشار ثقافة الوعي في معظم شئون الحياة وذلك عند غالبية أفراد المجتمع.. إلا أننا ما زلنا نعاني من تفشي ظاهرة «آسف تأخرت عن الموعد» ولطالما أدت هذه الظاهرة إلى هدر وقت محسوب على الآخر وتسببت في خلق المشاكل والخلافات وعدم المصداقية خاصة في بيئة العمل التي تتطلب انضباطاً تاماً قدر الإمكان.. ولعلنا نلاحظ على الصعيد الدولي بأن الثقافات المختلفة لها مفاهيم مختلفة لعبارة «في الوقت المحدد» فبعض الثقافات صارمة بالنسبة للالتزام بالمواعيد كاليابان والصين حيث يعتبر الالتزام بالمواعيد قيمة عالية لا يمكن التهاون فيها والبعض الآخر من الثقافات أكثر مرونة وهذا ما ينطبق على المجتمعات العربية فغالبيتها متميزة بعدم المبالاة لأهمية الوقت والالتزام بالمواعيد بغض النظر عن المركز أو المستوى الثقافي.
بدأت بوادر إدارة الوقت تظهر بمفهومها الشامل من خلال أول كتاب صدر في هذا السياق وتم نشره على نطاق واسع هو كتاب «إدارة الوقت» للسياسي والمحامي وعضو الحزب الديمقراطي الأمريكي «جيمس مكاي» وذلك عام 1958 حيث عرض في كتابه نتائج دراسته لكيفية تنظيم الوقت بشكل عِلمي ومن أهم ما ورد فيه «إذا شعر الإنسان بعدم وجود وقت كافٍ لأداء الأعمال جميعها.. فإن هذا إن دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على أن المهارات والمعلومات الإدارية التي يمتلكها الفرد لم تعد تنفع للأمور المُستجدة كما يُعدُّ الوقت مؤثراً خارجياً لأي نجاح أو فشل للأهداف إضافة إلى أنه لا يمكن التحكم به تقديماً أو تأخيراً ومن يتمكن من إدارة وقته وعدم تضييعه في أمور شخصية فهو يمتلك سمات مختلفة عن الآخرين
.أخيراً من المهم أن نعرف أن احترام المواعيد هو احترام للذات والنظرة الإيجابية التي نشكلها عن أنفسنا.. وأن الالتزام بأي موعد ما هو إلا وفاء تجاه الآخر سواء كان ذلك في محيط العمل أو محيط الأسرة أو العلاقات الاجتماعية بشكل عام.. وإذا كنا قادرين على تضييق نطاق الجانب الخاص بنا وعدم استخدام التبريرات شماعة نعلق عليها عدم الوفاء والالتزام بمواعيدنا فربما نستطيع بالفعل التخلص من هذه الظاهرة غير المحمودة.