خالد الربيعان
عنوان المقال «غريب»، لكنها قصة تنفع لتكون فيلماً سينمائياً ! ، رجل تقدم لانتخابات مجلس رئاسة نادي ريال مدريد، ولا يملك فرصة للنجاح، صفر تقريباً، ذهب لأفضل لاعب وقتها في إسبانيا ومعروف بوفائه الشديد لناديه برشلونة، هذا اللاعب هو «لويس فيجو»، اللاعب بالطبع لم يرد عليه ! فمن شدة حبه لبرشلونة كان يصبغ شعره بالأحمر والأزرق !
لم ييأس الرجل لأنه مؤمن أن «لكل قلعة حصينة : لابد من ثغرة».. إذا عرفتها يمكن أن تُدخِل منها «فيل» ولن يلاحظك أحد ! ، الثغرة كانت وكيل اللاعب، ذهب الرجل هذا إليه وقال له اسمعني، أريد منك تعهد بخط يد «فيجو» أنه سيأتي لريال مدريد إذا فزت في الانتخابات وأصبحت رئيس النادي، قال له الوكيل «مستحيل» فيجو أهم لاعب الآن ومستحيل يترك برشلونة ويذهب لمن ؟ للمنافس ؟؟ للعدو ؟ مدريد.. أنت تحلم.. رد الرجل وقال «لا حلم يعجز صاحبه عن تحقيقه، فقط دعنا نحاول» !
ولأجل أن يُقنِع الوكيل و«يضعه في جيبه» كما يقولون، دفع له 5 ملايين يورو.. على الطاولة ! في نفس الوقت قال له أن يتعهد فيجو أيضاً أنه إذا فزت أنا في الانتخابات ولم يأت لريال مدريد ؟ سيكون على فيجو شرط جزائي قدره 35 مليون يورو ! ، الوكيل واللاعب وافقا بالطبع، فمعهم 5 ملايين يورو بالفعل، كما أن الرجل هذا فرصته ضعيفة في الفوز بانتخابات رئاسة الريال !
هذا الرجل الداهية قام «بنقلة شطرنجية» مذهلة ! ذهب وصرح لجماهير ريال مدريد، أنهم إذا انتخبوه وجعلوه رئيساً، سيأتي لهم بلويس فيجو ومن قلب برشلونة ! ، كان حديث إسبانيا كلها هذا التحدي.. ذهبت أصوات الأعضاء لهذا الرجل.. فقط لأجل أن يروا ماذا سيفعل ! وما نهاية هذه القصة، نجح الرجل هذا في الانتخابات بالفعل.. «فيجو» ووكيله وجدوا أنفسهم مُلزَمين بما تعهدوا به ! أصبح «لويس فيجو» رقم 7 في منتخب البرتغال وأحد أمهر لاعبي العالم : لاعباً في ريال مدريد !
هذا الرجل الذي نتكلم عنه هو «فلورنتينو بيريز»، أنجح رئيس نادي في العالم وأكثرهم دهاءاً بلا جدال، كانت صفقة فيجو بـ65 مليون يورو في عام 2000 ، شهد القرن الواحد والعشرين أول تحطيم لسقف الانتقالات، وأيضاً «مفاهيم وأخلاقيات» بورصة اللاعبين ! وهو إمكانية انتقال لاعب من نادي : لأشد أعدائه من الأندية الأخرى، من أحد القطبين إلى الآخر !
لم يمر هذا مرور الكرام، إنها أعنف صدمة في تاريخ أي مشجع كاتالوني ! ، كمْ من السباب في الملعب لا يوصف في أول كلاسيكو بعد هذه الصفقة في ملعب برشلونة «كامب نو»، وما تتخيله من أشياء ألقتها الجماهير على «فيجو» فتخيُّلك صحيح يا عزيزي، زجاجات، قمامة، أكواب، أحجار، بقايا خضروات وفاكهة، من كان يريد التخلص من أي شيء في المدرجات البرشلونية كان يلقيه على «فيجو» وهو يلعب الركلة الركنية !
المدافع الأيمن للريال «سالجادو» كان يلعب مع فيجو الضربات الركنية، عندما وجد هذا الكم من الأشياء الملقاة في أول ربع ساعة فقط، ترك فيجو يلعبها بمفرده ! ، الكلاسيكو التالي لم تنس جماهير برشلونة ما فعله بهم «فيجو»، رفعوا لافتات عليها «الخائن» و«يهوذا» ! ورفعوا صورته الجديدة بقميص الريال وحرقوها في المدرجات ! وأصبح لقبه الرسمي «الخنزير»!
روبرتو كارلوس قام «بتضحية عسكرية» وذهب مع فيجو ليلعبا ضربة ركنية أمام مدرجات «برشلونة»، فوجئ بأغرب ما يمكن أن تراه في ملاعب كرة القدم، رمى أحد الجماهير الكتالونية الغاضبة: رأس خنزير على أرض الملعب، كارلوس أصابه الفزع وذهب للحكم ليشهده على هذا العجب !
دعنا لا ننسى «بيريز» وعبقريته التي توازي -بلا مبالغة- عبقرية أي سياسي محنك، فريال مدريد دولة فعلاً.. ملأها «بيريز» فيما بعد بصفقات خيالية ! تحمل اسمه وتخلد عبقريته التفاوضية ومهاراته العقلية، زيدان، بيكهام، أوين، أوزيل، روبن، شنايدر، بيل، كروس، مودريتش، وأخيراً هازارد ثم لا ننسى رونالدو ورونالدو! .. الكبير والصغير ..الظاهرة وكريستيانو، في ما أُطلِق عليه «جالاكتيكوس» بيريز.. أو «مجرة النجوم» !
الرأس موجود !
فيما بعد: عادت الأمور لمجرياتها، ورضت جماهير برشلونة بالأمر الواقع، وغيَّر «بيريز» فلسفة صفقات اللاعبين، وذهبت مفاهيم الولاء والوفاء والانتماء إلى غير رجعة ! ، أما رأس الخنزير الشهيرة، فقد وضعها مسئولو برشلونة في المتحف الخاص بالنادي لتكون شاهدة على طعنة «فيجو» في قلب «البلوجرانا» ذي اللونين.. الأحمر والأزرق !