فهد بن جليد
ما زال هناك نحو 64 بالمائة من الأسر السعودية لا تستخدم أجهزة (ترشيد الطاقة) في المنزل، ولا تهتم لذلك حتى الساعة، على الرغم من ارتفاع فواتير الكهرباء التي تلتهم نحو 20 بالمائة من دخل 7 بالمائة من الأسر السعودية، والتي غالباً ما تنفق بين 10-13 بالمائة من دخلها لتسديد فواتير الكهرباء -بحسب مسح الطاقة المنزلي للعام 2019- والذي أصدرته الهيئة العامة للإحصاء هذا الأسبوع، النسبة لا تعكس بالضرورة القدرة العالية عند هذه الأسر -وملاءتها- لتحمّل أعباء ارتفاع الفواتير، ولكنَّها تعكس لنا حتماً أنَّ برامج ودعوات الترشيد والتوعية لم تحرك في هؤلاء شيئاً -في حال استثنينا- بعض المنازل ذات الظروف الخاصة التي تعتمد على الطاقة الكهربائية أكثر من غيرها، مسح الطاقة المنزلي يمكن الاستفادة منه للمُشرِّع ومزوّد الخدمة الوحيد قبل المُستهلك لتجويد الخدمة بالسعر المناسب، أو على أقل تقدير السماح للمُشترك بالحصول على (طاقة بديلة) عبر قنوات مشروعة ومقبولة لا تخالف سياسات الطاقة في العموم مثل الألواح الشمسية أو المولدات الخاصة.
فواتير وكلفة الطاقة (قضية مؤرِّقة) لمعظم الشعوب في العالم، ولا تخلو وسائل الإعلام ونشرات الأخبار في أي بلد من قصص مواجهة ومُجابهة الارتفاع بحسب ثقافة وتقبل وظروف كل مجتمع، نحن ولله الحمد أفضل من غيرنا بكثير لناحية الوضوح والشفافية في احتساب الفواتير بالطريقة والآلية التي وصلنا إليها الآن، مع الاعتدال النسبي في الكلفة، ووجود الدعم للمواطن الأقل دخلاً والمُتأثر برفع الدعم ضمن خطط الإصلاح الاقتصادي من خلال حساب المواطن، ومع كل هذا تظل الحاجة قائمة لوضع ونشر المزيد من رسائل التوعية وأهمية الترشيد وتخفيض الكلفة والفاتورة لصالح الفرد والمجتمع معاً، فمتى ما شعر المواطن أنَّ خسارة إهدار الطاقة الكهربائية لا تعود عليه وحده، بل نحن جميعاً نخسر المزيد من جهد الطاقة في البلد دون حاجة، وهو ما يُصعّب من خطط التخفيض، ربما ساعد هذا في تغيير سلوكه تدريجياً.
مع انفتاح وشفافية شركة الكهرباء وتطويرها للأعمال وحق الاطلاع والمُراجعة والاعتراض وطلب الاقتراحات لتغيير السلوك وتخفيض الاستهلاك، لا يمكن قبول استسلام بعض المُستهلكين الذين يعيشون دور (الضحية) دائماً، فإذا كانت هناك مسؤوليات وخطوات نطالب بها في كل مناسبة شركة الكهرباء لصالح مُراعاة المُستهلكين، ففي اعتقادي أنَّ مسح الطاقة المنزلي الجديد كشف جانب آخر لسلوك بعض المُشتركين وتفريطهم، الذين نطالبهم اليوم بأن يكونوا شركاء بتحمّل جزء من هذه الخسارة والهدر نتيجة اللاَّ مبالاة، والتبلّد الذي أصاب البعض منهم حتى أولئك من قليلي الدخل، ممَّن يبقون (لمبات) منازلهم مُضاءة في وضح النهار.. ما يدل على أنَّ قضية الكهرباء سلوك وترشيد، قبل أن نطالب بتخفيض الكلفة.
وعلى دروب الخير نلتقي.