فضل بن سعد البوعينين
في مقابلته مع برنامج 60Minutes الذي بثته قناة CBS الأمريكية وصف سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضرب معملي النفط التابعين لشركة أرامكو السعودية في بقيق وخريص بأنه «ضرب قلب قطاع الطاقة العالمي» وليس السعودية فحسب؛ فتعطيل ما يقرب من 5.5 % من الاحتياج العالمي للطاقة يعني تهديداً مباشراً للاقتصاد العالمي.
ارتفاع سعر النفط بنسبة 20 % مع افتتاح الأسواق الآسيوية بعد الضربة يعكس حجم الأضرار التي قد يحدثها استهداف المنشآت النفطية في المملكة، ولولا سيطرة أرامكو على الحريق في 7 ساعات، وإعادة ضخ النفط خلال ثلاثة أيام، والتزامها بتسليم الشحنات المتفق عليها في وقتها دون تأخير؛ لتصاعدت الأسعار لتصل إلى ما فوق 150 دولاراً.
ربط سمو ولي العهد بين العمل التخريبي، ومسؤولية المجتمع الدولي في اتخاذ موقف حازم ورادع لإيران لوقف التصعيد ومحاولاتها تعطيل إمدادات الطاقة وهو أمر لابد أن يحدث حماية للمجتمع الدولي والاقتصاد العالمي وليس السعودية كما يعتقد البعض.
أجزم أن موثوقية المملكة بصفتها «البنك المركزي للنفط العالمي»، وحكمة قيادتها، وموثوقية أرامكو السعودية جنبت الاقتصاد العالمي أزمة كادت أن تعصف بالدول الصناعية أولاً، والدول النامية على حد سواء. فالسيطرة على الحرائق ثم إعادة الإنتاج إلى سابق عهده قبل الاستهداف، وفي فترة زمنية قصيرة طمأن الأسواق وأطفأ جذوة الأسعار، وأبعد شبح التداعيات الاقتصادية العميقة. غير أن السؤال الأهم كيف تمكنت أرامكو من مواجهة أزمة التخريب وحماية الاقتصاد العالمي من الانهيار؟.
يشير رئيس أرامكو السعودية، المهندس أمين الناصر إلى أن «موثوقية أرامكو» المبنية على القوى البشرية المدربة، والاحتياطيات النفطية، والتصاميم المتميزة للمعامل والتجمعات النفطية؛ وشمولية المعرفة بأجزاء الشركة؛ واعتماد آلية تفويض الصلاحيات التعاقدية لمسؤوليها مع الشركات الموردة مكنتها من تحقيق هذا الإنجاز غير المسبوق في التعامل مع الاستهداف. وهي حقيقة يدركها كُل من راقب مجريات الأحداث منذ الاستهداف وحتى عودة الإنتاج، ويدركها أيضا كل من شاهد أرامكو من الداخل وتعامل مع موظفيها واطلع على خطط الطوارئ فيها، وتجهيزاتها ومعاملها ومنظومتها المتكاملة.
شكل كفاءة وانتماء موظفيها دافعاً لمواجهتهم الأخطار وحماية الشركة، وقبل كل ذلك عقيدتهم وووطنيتهم التي أنستهم إنقاذ أسرهم القاطنين في بقيق؛ والتركيز على إنقاذ المجمع النفطي وإطفاء الحريق أولا، وهو ما تجلى في تضحية بعض المشغلين المتواجدين في المعمل ساعة الاستهداف؛ ولولا الله ثم مباشرتهم إطفاء الحريق وإجراءات التبريد لامتد الحريق إلى كامل المجمع؛ وهي بطولة تستحق الإشادة والتكريم المعنوي والمالي أيضا.
إثنان من المشغلين ومجموعة من زملائهم لاحقا؛ جنبوا؛ بفضل الله؛ قطاع النفط كارثة حتمية وخسائر مالية تتجاوز المليارات. يقول أحد جنود أرامكو؛ «الأمر لا يتعلق بالوظيفة والمرتب، بل بعقيدة حب الوطن وحمايته» هم جنود على ثغر الطاقة؛ وأرجو أن ينالوا التكريم المالي المتوافق مع حجم الخسائر التي كادت تحدث في غياب تضحياتهم للسيطرة على الحريق.
ولعلي أناشد سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ورئيس مجلس إدارة أرامكو الأستاذ ياسر الرميان أن يتبنيا تكريم هؤلاء الأبطال معنوياً ومالياً ووظيفياً. ونكمل بإذن الله.