«الجزيرة» - المحليات:
استهدفت جريمة مقتل المواطن جمال خاشقجي المملكة، بقدر ما استهدفته شخصياً، إذ تعتبرها المملكة مأساة كبيرة وعملاً إجرامياً، ارتكبه أفراد من قطاعات حكومية في الدولة، تصرفوا خارج نطاق سلطتهم. ولذلك صدر أمر خادم الحرمين الشريفين بإجراء تحقيق في القضية، نتج عنه اعتقال عدد من المشتبه في مشاركتهم في الجريمة أو التخطيط لها، وتم توجيه التهم من قبل النائب العام إلى 11 شخصا تجري محاكمتهم.
مسارات عدة
وقد اتخذت المملكة جميع الإجراءات اللازمة حيال جريمة مقتل المواطن جمال خاشقجي، عبر مسارات عدة، شملت المسار القضائي بإحالة جميع المتورطين في ارتكابها إلى القضاء، والمسار التنظيمي بإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة، فضلاً عن إعفاء عدد من المسؤولين الذين وردت أسماؤهم أثناء التحقيقات في القضية من مناصبهم، ليتسنى للنيابة العامة التحقيق معهم وتسجيل أقوالهم.
تطبيق القانون
وطبقت المملكة القانون وبدأت محاكمة المتهمين بحضور ممثلين من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، كما حضر محاكمتهم ممثل لتركيا إضافة إلى حضور ممثلي المنظمات الحقوقية السعودية، وقد اعترف متهمون خلال محاكمتهم بأنهم قتلوا جمال خاشقجي، وطلبت النيابة العامة إنزال عقوبة الإعدام، بحق خمسة من المتهمين.
ليس لديها ما تخفيه
ويعكس حضور ممثلين من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى تركيا وهيئة حقوق الإنسان والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وممثل من عائلة المواطن خاشقجي لجلسات محاكمة المتورطين، يعكس أن المملكة ليس لديها ما تخفيه في هذه القضية.
مكان الجثة
ولم تتوصل التحقيقات حتى الآن إلى مكان جثة خاشقجي والتحقيق ما زال جارياً بهذا الخصوص، ولكن ثبت في التحقيق أن هناك متعاوناً محلياً تركياً ساعد في التخلص من الجثة، وقد طلبت النيابة العامة من الحكومة التركية وتحديدا من المدعي العام تزويدها بأي أدلة، ولازالت بانتظار ذلك، والنيابة العامة في المملكة لديها يقين بأنها ستكتشف الحقيقة.
استغلال
في غضون ذلك يتضح سعي بعض الدول والأطراف الإقليمية المعادية للمملكة لاستغلال قضية مقتل المواطن جمال خاشقجي كورقة سياسية ضد المملكة، وآخر ما تفكر فيه هذه الدول والأطراف هو تحقيق العدالة في هذه القضية.
8 جلسات
من يسعون للعدالة في قضية مقتل المواطن جمال خاشقجي، عليهم أن يقدموا كل ما لديهم للنيابة العامة، وأن ينتظروا ما يصدر عن القضاء الذي عقد حتى الآن 8 جلسات للنظر في القضية.
دول معادية
كما تعمل دول إقليمية معادية للمملكة مع بعض الهيئات والمنظمات التي تصنف نفسها بأنها «حقوقية» لاستغلال قضية مقتل المواطن جمال خاشقجي، بغرض استهداف المملكة وقيادتها عبر بث ادعاءات ومزاعم كاذبة حول القضية، والتشكيك في نزاهة وعدالة واستقلالية القضاء السعودي.
حقوق الإنسان
في حين اعتمد تقرير المقررة الخاصة المعنية بالإعدام خارج نطاق القضاء في مجلس حقوق الإنسان السيدة أغنيس كالامار حول حادثة مقتل جمال خاشقجي ، اعتمد على تقارير صحفية ولم يكن حياديا ولا موضوعيا، وهو عبارة عن تحليلات واستنتاجات تحمل تناقضات واضحة وأحكاماً مسبقة تجاه المملكة.
موقف عدائي
كما أن السيدة أغنيس كالامار معروفة بموقفها العدائي تجاه المملكة، حيث بدأت وفي اليوم الثالث من الحادثة المؤلمة بنشر تغريدات تتهم المملكة فيها بالمسؤولية عن عملية القتل، ومن المهم الإشارة إلى أن تقريرها ليس إلزامياً ولم يصدر أساساً بتكليف من المنظمة الأممية.
تركيا
ومن المؤسف أن تركيا التي يشكك مسؤولوها وإعلامها في تعامل السلطات السعودية مع قضية مقتل المواطن جمال خاشقجي، هي نفسها الدولة التي رفضت التجاوب مع طلبات النيابة العامة السعودية لتزويدها بالمعلومات والأدلة المتوافرة لديها للاستفادة منها في التحقيق مع المتورطين في الجريمة.
حوادث مشابهة
وقد شهدت دول أخرى حوادث مشابهة ولم يعلم بها كبار مسؤولي الدولة، ومن ذلك التعذيب الذي تم في العراق في سجن أبو غريب من قبل عناصر من القوات الأمريكية تجاوزوا صلاحياتهم وعذبوا مساجين عراقيين، ولم يكن يعلم بفعلهم رئيس الولايات المتحدة ولا نائب الرئيس ولا وزير الخارجية وتمت محاكمتهم ومعاقبتهم على ما فعلوه، وهذا ما حصل في قضية خاشقجي، حيث ارتكبت عناصر من أجهزة الدولة جريمة نتيجة تجاوزهم صلاحياتهم، وتم سجنهم ومحاكمتهم وإدانتهم، وسينالون عقابهم.
قضاء مستقل
حريّ بالقول إن قضاء المملكة مستقل، وليس لأحد التدخل في أعماله وأحكامه، والنيابة العامة ملتزمة بالشفافية الكاملة في بياناتها حول قضية مقتل المواطن جمال خاشقجي، في حدود ما تسمح به الأنظمة العدلية. ويعلم الجميع أن النظر في مثل هذه القضية الكبيرة ذات الأطراف المتعددة، يستغرق وقتاً طويلاً، فضلاً عن تعدد درجات التقاضي، قبل صدور الأحكام النهائية.
مسار قضائي طبيعي
وستواصل المملكة السير في إجراءات قضية مقتل المواطن جمال خاشقجي، لإتمام المسار القضائي الطبيعي للقضية، وكذلك الإجراءات التنظيمية لحوكمة عمل أجهزتها الاستخبارية، قناعة منها بضرورة هذا الخيار، وليس نزولاً عند رغبة أحد، أو رضوخاً لضغوط خارجية من أي طرف.