م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. يقول علماء الأنثروبولوجي: إن الإنسان اخترع الكتابة بعد خمسين ألف سنة من وجوده على الأرض.. وأن ذلك بدأ لدى السومريين قبل ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد.. واحتاج الإنسان إلى خمسة آلاف سنة منذ أن اخترع الكتابة لاختراع الطباعة.
2. ولدت الكتابة من رحم فن التصوير.. لذلك فإن الكتابة مدينة لفنون ما قبل التاريخ.. والمتفق عليه أن السومريين هم أول من اخترع الكتابة وأسموها الكتابة المسمارية.. وتبنتها بعد ذلك كل حضارات وادي الرافدين القديمة (السومرية، والأكادية، والبابلية، والأشورية).. وامتد تأثيرها للحضارات القريبة كالهندية والصينية.
3. الكتابة هي أعظم اختراع عرفه البشر.. إلى درجة أن عصور ما قبل اختراع الكتابة صار اسمها عصور ما قبل التاريخ.. أي أن التاريخ بدأ مع اختراع الكتابة.. وهي الأم التي أنجبت كل ما جاء بعد ذلك من علوم وفنون وآداب وفلسفات.. لأن الكتابة نظّمت الوعي ومكَّنت من تراكم المعرفة ووثقت التجارب والخبرات.. وبذلك أسست للمدنية التي نعيشها اليوم.
4. المصريون والصينيون هم أول من عبر عن الكلام بالرسم وأسماها المختصون بعلم الكتابة (Pictographs).. ثم فصلوا ذلك إلى صنفين: الأول الحفر على الحجر وسموه (Petroglyph)، والثاني الرسم على الحجر أو الطين وسموه (Petrogram).
5. كتب الإنسان بالنقش على الحجر ثم الطين والجبس والعظم والفخار والرخام والخشب والجلد والقماش والورق.. والآن على الأثير الإلكتروني.. فما الذي دفع إلى اختراع وتطوير والعناية بالكتابة.
6. هناك من يرى أنها الدولة.. فهي كما يُعَرِّفها الغرب: (آلة قياس وتسجيل وتدوين).. فمن خلال الكتابة تكتب الدولة الأسماء، وتفرض الضرائب، وتحصر الثروات، وتسطر القوانين، وتشكل الجيوش، وتحدد المهام، وتوجه الأوامر.. أي أن الدولة إن لم تكن هي وراء اختراع الكتابة فهي بلا شك وراء تطويرها.. ودليلهم في ذلك أن الكتابات المبكرة التي تم اكتشافها كانت تتكلم عن الحكام والحروب والأسرى والغنائم.. بمعنى أن عجلة الدولة لم تسير إلا بالكتابة.. وأنه لا دولة بلا كتابة.. لكن المعارضين لهذه النظرية يرون أن الكتابة اخترعت كوسيلة للتعبير قبل قيام الدولة بآلاف السنين.