فهد بن جليد
الـ19 مخالفة للذوق العام التي دخلت حيِّز التنفيذ هذا الأسبوع بالتزامن مع إطلاق التأشيرة السياحية، ليست خاصة بالسياح فقط، ولا يجب أن ننظر إليها هكذا، بل هي سلوك وأخلاق تربوية يجب أن يتحلّى بها كافة أفراد المجتمع فيما بينهم، ولعلَّنا نعيش مرحلة عملية لمواجهة مثل هذه المُخالفات والتخفيف منها قبل القضاء عليها بشكل نهائي عندما نتعوَّد على تجنبها مُنذ الصغر، وزارة التعليم ومنابر الجمعة وقادة الرأي والفكر والمُجتمع إضافة للأسرة، عليهم جميعاً السعي لبناء صورة جديدة للمجتمع السعودي من خلال المناهج التعليمية المُتوافقة تربوياً وسلوكياً مع أخلاقه، كون التعليم والتربية من أهم مصادر بناء الذوق العام وتنميته بين الأجيال، الذوق العام لا يجب أن يرتبط في أذهاننا بالسياحة فقط، وإن كان من أهم المُعزِّزات لها، ولكنَّه (خُلق وشعور بالمسؤولية والمواطنة الصالحة) في كل الأوقات ومع مُختلف الجنسيات.
كل البلدان المُرحِّبة بالسياح تجعل قوانينها واضحة ومرنة تحترم حريات الآخرين، وتراعي خصوصياتهم وتضمن عدم التعدي بالقول والفعل على ما يخدش الذوق العام فيها، فدخولك لأي بلد أو زيارته دون أن تعلم بوضوح أبسط قوانينه التي تنظّم حياتك اليومية وسلوكك طوال مدة إقامتك لا يساعد كثيراً في توافد السياح عليه، ولعلَّ البدء بإعلان هذه المُخالفات واللائحة التي يجب مُراعاتها بعدة لغات للسياح وتعريفهم بها، ستجعلهم يتوقّعون منا الالتزام بها، ليتمتعوا بحقوقهم فيها قبل أن يلتزموا بها هم أيضاً.
علينا إظهار الذوق العام والتحلّي به والمحافظة عليه فيما بيننا، قبل أن ننتظر أو نتوقّع من الآخرين احترامه والالتزام به، ذوقنا رفيع، وسقف أخلاقنا العربية والإسلامية لا حدود له، لذا ما أتمنى فهمه أنَّ هذه اللائحة والضوابط ليست كل شيء في أخلاقنا وذوقنا، بل يجب النظر إليها (كحد أدنى) مُنظّم تبدأ منه ضوابط الذوق العام والأخلاق الرفيعة في مراعاة حريات الناس والتعامل معهم برقي أكبر، أود التنبيه بأنَّه لا يجب استغلال هذه اللائحة لجعلها مسطرة التعامل النصية بعيداً عن المشاعر والإحساس والمُعزّزات الأخرى للذوق العام في المجتمع السعودي، التي لا يفرضها نص النظام ولكنَّها تبقى مطلباً، وأخرى لا يُعاقب عليها النظام أيضاً ولكنَّ الابتعاد عنها ومُراعاتها في مواقف مُحدَّدة ينم عن خلق وذوق رفيع يتمتع به الإنسان السعودي حتى قبل تفعيل هذه اللائحة التي نحتكم إليها جميعاً.
وعلى دروب الخير نلتقي.