رمضان جريدي العنزي
قاتل الله الكراهية، كونها ضد المحبة، وضد السلام والتسامح، وضد الحياة الكريمة، وخاب وخسر المنادي إليها، والعامل عليها، والمنظر فيها، كونها حالة موحشة وكالحة وبها سواد عظيم، أنها مثل الوباء يحتاج أدوية ولقاحات فاعلة حتى لا يتفشى ويكبر ويعم خطره وأثره، أن الإنسان العاقل السوي، صاحب المبادئ والثوابت والقيم، لا يقر مبدأ الكراهية بأيّ صفة كانت، أو شكل أو لون، بينما المنافق والمرجف والمتلون والمرائي هو الذي يعمل عليها، وينادي بها، ويؤطر لسلبياتها وأمراضها العصبية والعنصرية البغيضة، يحاول بذلك إضعاف المجتمع، وإفقاده المناعة الوطنية، يشكك في نزاهة البشر، ويحرض على القلاقل وإثارة الفتن وإحياء العصبيات النتنة، والنائم من الحكايا والقصص، وتجميل الروايات الزائفة، يحاول أن يزرع في الأرض السبخة بذور العداوة والبغضاء، يرعاها ويسقيها ويتعاهدها دائماً حتى لا تشيخ وتذبل ثم تموت، جينات هؤلاء بغيضة، ومغلفة بالرماد، وعندهم شوائب بائنة في الخلق والسلوك والمنطق والتعامل، يهمشون الإنجاز، ويشوهون النجاح، ويضخمون الإخفاقات، ويكيلون الاتهامات، ويبرعون في التأليف الكاذب. ولدفن الكراهية، وتحييد كل من ينادي عليها، علينا أن نواجه ذلك من خلال المساهمة بالفكر الراجح، والرأي الصائب، والتخطيط السليم، لقطع الطريق على كل مخططات الفتنة والشر، وصد الطامعين الذين يبتغون للمجتمع التيه والخراب، وذلك بتعرية خطاب الكراهية الذي يتقنونه، وغسل ثقافتهم البائدة، وتعقيمهم بأشد معقمات الطهارة، حتى يستظل الجميع تحت راية الحق والعدالة الاجتماعية، والمساواة الإنسانية، التي تنقل الإنسان من بيئة الشك والريبة، إلى فضاء اليقين والإيمان، أن على أصحاب الفكر والرأي، قيادة المجتمع نحو البياض، ليزيلوا جبال البغض، ويذيبوا جليد الكراهية، لتظهر بعدها المروج الخضراء نقية بهية جميلة، خالية من أحاديث الإفك، وقصص البهتان، وروايات الرماد، التي يعتليها التميز والعدوانية والبغض والدم.
إن الكراهية مثل الريح العاتية، والموجة الخطيرة، تحمل معها العنف والدمار وتقتلع الأشياء.. إن أصحاب الكراهية المتعصبين، يشعلون النيران، ويبثون السموم، وخطاباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي مؤججة ومزعجة ونافرة بالعنصرية الفجة، أنهم ضد التسامح والاندماج والتنوع والحياة المشتركة، وسهامهم مصوبة نحو القيم والمبادئ والمثل الإنسانية العليا.. ويسعون في الأرض فساداً لأمد طويل.
إن أصحاب الكراهية دائماً ما يعكفون على أعمال الشر دون أعمال الخير، يصرون على استغلال الخوف ومحركات الماضي الدفين لغرس بذور الفرقة والنفور في المجتمع، لا يتقبلون الآخر ولا يتعتبرونه شيئاً يذكر، ويصنعون العثرات والمصدات ويحفرون الحفر ضد كل ما هو جديد وجميل وأنيق.
إن الواجب على أصحاب الرأي والفكر، وأصحاب الحكمة والعقل وبعد النظر، أن ينهضوا بشدة ضد هذا التيار الخبيث، والتصدي له ومجابهته.. إن الكراهية خطر محدق بالجميع، ونار مستعرة، وريح عاتية، ولذا لابد أن تكون محاربتها من كل الزوايا والفجوج والاتجاهات، بعدها يمكننا أن نخمد نار الكراهية، ونصد ريحها، ونئدها بالتمام، وأن نصون القيم والمثل العليا، التي تجمعنا كأسرة واحدة، في مجتمع متجانس واحد.