فهد بن جليد
افتتاح فندق نسائي (خاص) في إسبانيا يُحظر على الرجال دخوله أو العمل فيه مُطلقاً، هو تأكيد واعتراف (غربي) بأنَّ كلا الجنسين يحتاجان بين وقت وآخر إلى فترات وأماكن تحفظ لهم خصوصيتهم بعيداً عن الجنس الآخر، المسألة ليست عنصرية أو رجعية أو عقد نفسية كما يحاول البعض الترويج لها وإظهارها مع كل خطوة تطور وتقدم وانفتاح، بقدر ماهي توفير لحظات استرخاء وهدوء وتجلي، فالتجارب العالمية أكَّدت الحاجة لمثل هذا الفصل والخصوصية في بعض الخدمات، ولعلنا في الرياض سبقنا الأوروبيين بتوفير هذه الخصوصية بافتتاح فندق نسائي شبيه مُنذ عدة سنوات، كان ينظر إليه حينها بنوع من الاستغراب والتوجس، بل إنَّني أذكر أنَّه في أحد أشهر الفنادق بإحدى العواصم السياحية العالمية تم منعنا من دخول المطعم بعد الساعة السادسة من يوم الاثنين بحجة أنَّ وجبة العشاء من كل أسبوع في مثل هذا اليوم مُخصَّصة (للنساء فقط) ربما كنوع من التسويق، واستهداف شريحة مُحدَّدة، لم يعترض أحد أو يتأفف أحد، بل على العكس الجميع احترم هذه الرغبة والخصوصية، وتقبلها برحابة صدر، مثلها مثل خدمات خاصة للنساء كسيارات الأجرة (وردية اللون) وغيرها من المسابح والشواطئ.
تقديم خدمات مُستقلة ومنفصلة لكلا الجنسين ليس بالضرورة أن يكون أمراً رجعياً وتخلفاً في ظاهرة، بل هو مطلوب وواجب في بعض الأحيان والمواقف والخدمات، لذا أتمنى ممن يتأففون من تحديد بعض المقاهي لمقاعد خاصة للرجال وأخرى للنساء والعائلات التعرف والاطلاع على تجارب الشعوب والثقافات المُختلفة في هذا الجانب، صحيح لا يمكن أن تكون كل المطاعم والمقاهي منفصلة ويتوفر بها سواتر للعائلات، ولكن توفير هذه الخدمة والحفاظ على بقائها مطلب يجب دعمه من الجميع، فمن يرغب الجلوس اليوم في مطعم أو مقهى مشترك ومفتوح، قد يرغب في وقت آخر الجلوس بشكل مستقل بعيداً عن الجنس الآخر، والعكس صحيح، الأمر-برأيي- مُرتبط بخيارات ورغبات وخصوية المُستهلكين التي يجب احترامها وتوفيرها لا أكثر.
مسألة الفصل بين الجنسين قضية جدلية في الكثير من المجتمعات، بحسب ثقافة وتجربة كل مجتمع، لذا لا يجب تغليب جانب على آخر في المجتمعات السوية والمُعتدلة، بل إنَّ الحرص على توفير كل الخدمات لمُختلف الأذواق والرغبات، هو مطلب ونجاح دون توسيع أو تضييق على أحد، فكما أنَّ للنساء مطلب وحق الاستقلال والخصوصية في الخدمة والمكان، فللرجال كذلك حق مُماثل.
وعلى جروب الخير نلتقي.