د. محمد بن صقر
أصبح المجتمع لدينا يدرك أن المملكة العربية السعودية تتعرض لهجمات إعلامية مبرمجة تحاول استهداف جميع شرائح المجتمع وتحاول العبث بركائزه ومسلماته وقيمه وشق الصف وتمزيق النسيج الاجتماعي والأمني وزعزعة مفهوم الاستقرار الذي يسكن في خلد أبنائه باستخدام الدعاية المضللة في وسائل الإعلام، فمعروف أن أي نشاط دعائي يهدف إلى تشكيل معارف الجمهور بشكل أولي وضمن أجندة خفية الهدف منها التضليل وصناعة الوعي المعلب لتلك الأجندة التي يسطر عليها، فلا يزال البعض يتعرَّض لمحاولات ليكون فريسة لما تصوره له وسائل الإعلام التي تحاول خلق سيناريوهات متكررة وبأشكال مختلفة مضمونها أنها تذكر هذه الشريحة من المواطنين بأن ما تفعله دائماً هو لصالحها ولصالح دولتها، وبذلك تقوم بدفعهم إلى اتخاذ مواقف وحصول استجابات من دون مجهود وعناء، ولذا نجد أن ما تطرحه الماكينة الإعلامية الإيرانية يسعى وضمن جزء من مخطط دعائي إلى خلق نوع من التضليل والخداع والكذب ويطلق عليه (disinformation) أو التضليل واختلاق القصص الكاذبة. من خلال قنوات وكيانات تدّعي الاستقلالية والحيادية في الطرح لكنها تدير سياسيات إعلامية موجهة تستخدم بعض القنوات العربية والمرتزقة الإعلاميين لتصدير شعاراتها الكاذبة معتمدة بذلك على عناصر (التضليل - والتشويه - وصرف الانتباه - والتفريق)، فنجد أن مهمتهم تشويه الشخصيات والمواقف السياسية، وخلق متناقضات بين السيناريوهات لجعل هذه الفئة من المواطنين متعطشة دائماً للأخبار، ومن ثم يتبع ذلك صنع الأخبار ذات مضامين الخوف والرعب وضخ قصص وأخبار كاذبة، تهدف إلى التضليل والخداع، وهذا أصبح جلياً وواضحاً في قنوات تحمل النَفَس الفارسي مثل قناة الجزيرة وغيرها وبرامجها المخصصة لمثل هذا النوع من الدعاية والتضليل. ولعلي في هذا السياق أذكر هنا قصة إحدى الإعلاميات من إحدى الدول العربية ذكرت لي شخصياً أنها عندما قامت بتغطية لموسم الحج والإشادة بما قدمته المملكة من خدمات لضيوف الرحمن تم محاربتها والتضييق عليها في مهنتها الصحفية وتهديدها، كل ذلك من أجل أنها كانت تمارس عملها بحيادية بعيدة عن الاسترزاق الموجه أو التبعية العمياء، فهذه إحدى الطرق التي تمارس بحق الإعلاميين لإغلاق منابع الحق الخارجي من قبل سلطة الإعلام الإيراني لبعض القنوات العربية، كما أن بعض القنوات والإعلاميين أنيط بهم دور التضليل لحشد الشعب الإيراني وإيهامه بأن الساسة الإيرانية هي السياسة التي تخدم شعوب المنطقة، فتصور أن إيران قادرة على التفاوض مع القوى العظمى، وأنها قادرة على بناء قوة صاروخية مدمرة، كما أنها تبث الفرقة وتخرج أبناء المجتمع الواحد من مفهوم المواطنة إلى مفهوم الطائفية والنفس الطائفي والمظلومية، وتجد هذا النفس منتشراً في (العراق وسورية ولبنان) حتى أصبح الإنسان في ذلك المجتمع يرى أن الطائفة أولوية قبل الوطن، ولعل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن يمثلون ذلك، كما أن المكينة الإعلامية الفارسية تمارس صرف انتباه الجماهير الإيرانية عن احتياجاتهم الحقيقية من التعليم والتطور الاقتصادي والاجتماعي، وتشغلهم بأن الدولة في حالة حرب دائمة، مما يحتم عليهم الانكفاء حول قيادتهم المضللة، متناسين بشكل قسري احتياجاتهم الأساسية فتصبح الجماهير ضحية خطاب إعلامي مضلل. إن جزءاً من الإستراتيجية لمواجهة هذا المخطط العبثي، هو ضبط إيقاع الرسائل الإعلامية وعكس اتجاه الأسهم المسمومة نحو مجتمعنا ومخاطبة عقول الشعب الإيراني والجماهير العالمية من خلال كشفهم وكشف أدواتهم وعناصرهم التخريبية، ومخاطبة الشعب الإيراني المظلومة، وبناء وعي إيراني يعمل مع جيرانه لمواجهة التعتيم والتضليل والتوجيه، وأن تواجه الفئات الإيرانية والقوميات العربية التي تخضع تحت نظام القمع الفكري، نظام الملالي الظلامي داخليًا وخارجيًا.