فهد بن جليد
علينا أن نعمل اليوم بطريقة مُختلفة ومُغايرة لعكس الصورة الإيجابية والحقيقة عن السعوديين كشعب مضياف كريم ومُتسامح، يرحب بضيوفه القادمين من مختلف دول العالم، يبتسم في وجههم ويُعاملهم برقي واحترام ضمن عادات وتقاليد وقيم مجتمعية سعودية وعربية أصيلة، بل وبعضها دينية إسلامية أيضاً تعكس تسامح السعوديين كشعب مُحب للسفر وعاشق للسياحة في الأصل، فنحن اليوم نقوم بدور المضيف في الوقت الذي نتصدَّر فيه قائمة السياح الأكثر إنفاقاً حول العالم، وهذه فلسفة فريدة تؤكد أنَّنا أمام خطوة وتجربة عظيمة وحدث تاريخي، فالبدء في استقبال السياح من 49 جنسية دون الحاجة إلى تأشيرة أو فيزا مُسبقة، حدث مهم عاشه العالم يوم أمس -بالتزامن مع الاحتفال السنوي باليوم العالمي للسياحة- ليُدلِّل هذا التزامن بحضور أباطرة السياحة وصناعها حول العالم أنَّ ما يحدث هو عمل احترافي تقوم به السعودية بفتح أبوابها لهذه الجنسيات في المرحلة الأولى، للحصول على (التأشيرة السياحية) عبر الموقع الإلكتروني أو عند الوصول للمطار، وهي نقطة تحول كبيرة تؤكد أنَّ المملكة تقوم بخطوات فعلية وجادة نحو تحقيق رؤيتها الوطنية التي تستهدف أن تكون السعودية من بين أكثر 5 وجهات سياحية في العالم تستقبل وتستقطب السياح، خصوصاً وأنَّ السياحة اليوم تعد ثالث قطاع يوفر الوظائف للمواطن السعودي، فمع اكتمال مشاريع البنى التحتية ستكون الأرقام أكبر وأكثر.
هناك سلسلة من العوامل التي تشير إلى نجاح الخطوة وتحقيقها للأهداف المرجوَّة منها، على رأسها التوجه الحكومي الداعم للسياحة بتوفير وإطلاق المشاريع الترفيهية والسياحية الضخمة والتي من بينها أكبر وأضخم مشاريع الترفيه في المنطقة وربما خارج أمريكا، إضافة لرغبة العالم باكتشاف السعودية عن قرب، لذا أتوقع تزايد أعداد السياح تباعاً بعد نجاح التجارب الأولى، فعندما يجد السياح أنَّهم في بلد مُتحضر وآمن يعي حقوق السائح ويوفر له المناخ المناسب للمتعة والترفيه، مع وجود قوانين واضحة تحميه مثل قانون التحرش أو لائحة الذوق العالم، والتي لا تتوفر في كثير من البلدان الأخرى، سيحرص على زيارة السعودية بشكل متكرر للاستمتاع بالتنوع الثقافي والجغرافي فيها مع توفير المُتطلبات العالمية للسياحة والبرامج الترفيهية والتي ستكون مصدر جذب للسياح.
ما يميز هذه التجربة أنَّ السعودية بدأت من حيث انتهى العالم، الأمر الذي يمنحنا مساحة أرحب وأوسع لتأسيس قطاع سياحي عصري نموذجي، بعيداً عن التجربة والخطأ، فهو قطاع يبنى على مقومات رئيسة لإنجاحه وفق ما يحتاجه السائح، لتوفير المكان والبرنامج والكوادر البشرية، ليبقى الرهان دائماً على تعامل رجل الشارع العادي (المواطن والمقيم) وترحيبه بالسياح كما هو معمول به في الدول السياحية الأخرى، فتعامل الشعوب هو مكون رئيس لإنجاح أي وجهة سياحية، وهو ما يحتاج لبرامج توعوية وتثقيفية موازية مع القوانين الصارمة والواضحة، فأهلاً بالعالم في السعودية.
وعلى دروب الخير نلتقي.