سلمان بن محمد العُمري
نعم الله عز وجل علينا في هذا البلد المبارك المعطاء المملكة العربية السعودية عديدة وعظيمة وكبيرة، وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى، ولا تحصر ولا تعد.
نعم تستحق الشكر والحمد للمولى عز وجل، شكر باللسان والقلب والجوارح، وشكر اللسان التحدث بنعمة الله عز وجل، والثناء على المنعم جل شأنه، وشكر القلب يتحقق باليقين الجازم بأن كل نعمة هي من الله عز وجل لا تنسب إلى سواه، وإذا أتت النعمة من إنسان فإنما هي من الله عز وجل أجراها على يديه، وشكر الجوارح يكون باستعمالها في طاعة الله والبعد عما يغضبه وزيادة الفضل بتقديم المعروف والخير للغير.
ومن فضل الله ونعمه علينا أننا في المملكة العربية السعودية نعيش في أمن وأمان ورخاء وأطمئنان لم يكدر صفونا حوادث الدهر والزمان وهي نعمة وفضل تستحق الشكر والحمد للمولى عز وجل وتستوجب المحافظة عليها، وفي هذا اليوم العزيز على قلوبنا (اليوم الوطني) تستجيش المشاعر والأحاسيس في حب الوطن والتذكر لما نحن فيه من النعم، فنشكر الله عز وجل وننظر لمن حولنا من البلدان، ونكرر الحمد ونسأل الله دوام النعم والعافية والسلامة مما حل بغيرنا ونستذكر واجبنا جميعاً في أهمية المحافظة على مكتسبات الوطن ومقدراته وأمنه وسلامته من جميع النواحي، وإذا كانت الأوطان بالنسبة للأمم قاعدة وجودها ومكمن حضارتها وأراضي بنائها ومقومات معاشها لا تقوم من دونها بنية، ولا تتحقق من غيرها سيادة فإن الواجب تعزيز هذا الحب وتنميته، فحب الوطن ضرورة شرعية وعقلية.
إن وطننا الغالي المملكة العربية السعودية ليس أرضاً نعيش عليها فحسب، فهو وطن لا كسائر الأوطان، وطن يقوم على العقيدة ويحفظها وبحفظها تحفظ الأمة، وفيها المقدسات، وبعد ذلك هي مقر الأهل والأولاد وفيها الأموال والثمرات والخيرات، وعلى أرضها وتحت سمائها تحقق مقاصد الشريعة الخمسة بالمحافظة على الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وعلى أرضها يتحقق عبادة الله عز وجل ويطبق شرعه الحكيم.
وإن من شكر النعم أن نقدر ما نحن فيه قولاً وعملاً بالجد والعمل والاجتهاد كل في مجاله وفنه واختصاصه، ولا يخفى على أحد أن خلق الناس متباينون في مواهبهم وتعلمهم، وهذا الاختلاف والتباين رحمة من الله عز وجل ليشعر الناس أن كل منهم مكمل للآخر ولا يستغني بعضهم عن بعض، وهكذا تبنى المجتمعات، ومن محبة الأوطان أداء الأمانات كل في ما تحت يده من الأعمال والأموال وحتى الأبناء {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}، فكل يؤدي مهمته بأمانة وإخلاص ولا يظلم من تحت يده لا بإسراف ولا بتقتير، إنما باعتدال، وكل حق يقابله واجب سواء للفرد أو للمجتمع، وكل أمين على ما أوكل إليه من مال أو أسرار ولا يحق له التعدي على ما أوكل إليه، كما أنه واجب عليه الإجادة والإتقان، وهذا من شكر النعم، ومن المحبة الخالصة للأوطان وترجمتها قولاً وعملاً.
ومن محبة الأوطان التي يجب أن نلتزم بها ونغرسها في نفوس أبنائنا أن نحافظ على أمن بلادنا ومرافقه ومكتسباته بل وحتى المحافظة على بيئته وسلامته حماية للأموال والنفوس، لأن الإفساد أو التهاون فيها سيعم ضرره على البلاد والعباد، وهذه البنية يبدأ المحافظة عليها من المنزل وكل ما يحيط بنا في العمل والشوارع والمتنزهات ووضع كل شيء في مكانه، والمحافظة على الممتلكات العامة كما نحافظ على الممتلكات الخاصة، والبعد عن كل ما يلوث حياتنا حسياً ومعنوياً، وهذا الواجب والمطلب الحتمي تأكيد لما أمر به ديننا الحنيف وهو واجب شرعي وضرورة حياتية، ولذا فالواجب على الجميع إبقاء البيئة نظيفة وصحية والبعد عن كل مؤذٍ وضار.
ومن المحافظة على الوطن ومكتسباته وأمنه واستقراره التصدي لكل فاسد ومارق ومخادع يريد شق الصف وتفريق الجماعة، والإفساد في الأرض حتى وإن لبس ثوب الإصلاح، ومع انتشار وسائط التواصل والتقنية الحديثة لجأ أهل الفساد والتخريب لهذه الوسائل لبث سمومهم، والواجب الحذر منهم والتحذير والمحافظة على سلامة المجتمع ووحدته وما يعكر صفوه، ولنستفيد من ما مرت به الدول الأخرى من محن وفتن يوم اضطرب الأمن فيها، ولا يعرف نعمة الأمن والطمأنينة وهي نعم عظيمة لا يعرف قدرها إلا من حُرِّم منها، وانظروا من حولنا من البلدان ممن أصيبوا بالفواجع وتقلب الأحوال ودورات الزمن وتقلبه، كل هذا يستوجب منا أن نعزز إيماننا بالله عز وجل ونشكره على نعمه وأن نحرص كل الحرص على استمرار النعم ودوامها بشكر المنعم والبعد عما ينغص أمننا ووحدتنا، وكل من ابتعد عن الله عز وجل لحقه غضب الله وأذاقه لباس الجوع والخوف أمماً كانوا أو أفراداً، ونحن نعيش الأمن والطمأنينة، فعلينا أن نبذل كل ما نستطيع حفاظاً على مكتسباتنا الدينية والدنيوية والحذر من المفسدين والمرجفين ومن التهاون في نقل الأخبار ونشرها في أجهزة الاتصال الحديثة، فكل ما يصل من هذه الأخبار دون زيادة أو نقصان إن لم تكن مغلوطة في أساسها ومكذوبة في نشأتها ويهدف منها الإساءة للبلاد والإضرار به اقتصادياً أو اجتماعياً أو أمنياً.