د. أحمد الفراج
يقف العالم كله مذهولاً أمام سلوك إيران، التي غامرت بشكل غير مسبوق، وأعلنت تحديها للعالم أجمع، وأحرجت رئيس القوة العظمى، دونالد ترمب، إِذ بدأت اختبارها للعالم عن طريق تفجير الناقلات في الخليج، ثم تشجعت على سيدة العالم الحر، وأسقطت طائرة أمريكية، وعندما أدركت بأن صقر البيت الأبيض أسقط في يده، ولم يعد قادرًا على اتخاذ قرار، إِذ هو لا يريد الحرب، التي تسعى لها طهران، في محاولة لفك الخناق عنها، ورصّ الصف الداخلي خلفها، قرّرت التصعيد إلى أعلى مستوى، وفعلت ما كان الملالي يهدّدون ويحلمون به منذ أربعين عامًا، أي استهداف شريان الاقتصاد العالمي، وتهديد العالم أجمع، والأهم، هو تهديد من يرون أنه خصمهم الأكبر، الذي وقف سدًا منيعًا أمام طموحاتهم التوسعية، أي المملكة العربية السعودية، وذلك عندما استهدفت مصافي النفط في بقيق، وعطّلت تصدير خمسة في المائة من الإنتاج العالمي.
من تابع سلوك مرشد إيران ورئيسها وساستها، وخلاياهم السياسية والعسكرية والإعلامية، يُخيّل إليه أن إيران حقّقت أكبر الإنجازات في التاريخ البشري، فهناك حالة انتشاء كبيرة، وأفراح عارمة، وكأن علماء إيران تمكنوا من اختراع علاج فعال لمكافحة السرطان أو الإيدز، فالرئيس روحاني يمشي الخيلاء في ممرات الأمم المتحدة، ويبتسم لكل أحد، على غير عادة سلوك ساسة طهران، فهو لا يستطيع كبح جماح مشاعره تجاه إنجاز إيران في بقيق، أما الإعلام المساند لطهران، فقد بدا وكأنه في حفلة زار، فأوداج عبدالباري عطوان وحماسه، يوحي بأن فلسطين قد تحررت، وهو على وشك العودة إليها، بعد أن يرمي جوازه البريطاني في حاوية النفايات، أما رفاقه، فهم في حالة هيستيريا، وكل ذلك بسبب عمل إرهابي جبان، تستطيع أن تفعل أي منظمة إرهابية ما هو أكبر منه، فالبناء هو الذي لا تقوى عليه إلا الأمم المتحضرة، أما الهدم والتخريب فهو ديدن المنظمات الإرهابية المارقة، ولكن هذا هو ما حدث بالفعل، وإذا كان الرئيس الأمريكي قد شجب واستنكر، ثم جنح إلى السلام، فإن موقف الأوروبيين من تهديد إيران للأمن العالمي يحتاج إلى أكثر من وقفة، وهو ما سنتوقف عنده ونسهب فيه!.