حمّاد السالمي
* عمّت الأفراح والليالي الملاح؛ كل شبر من ترابنا الوطني الطاهر. لم يبق صغير أو كبير.. رجل أو امرأة؛ إلا وقد ساهم وشارك في الفرحة الكبرى بمناسبة اليوم الوطني المجيد. لم يلتفت أحد منا لهرطقات المهرطقين، وتثبيط المثبطين، وسخرية الساخرين. الوطن الكبير بتاريخه وأمجاده وبطولاته؛ يسكنه مواطنون كبار بإيمانهم بالله، وبقيمهم وأخلاقهم ووفائهم وإخلاصهم. الوطن الكبير لا يهتز أو يُبتز، والمواطن الكبير يتسامى ويترفع، لأنه أرفع وأكبر من أعدائه المتربصين عربًا كانوا أو عجمًا. الوطن يكبر بمواطنيه، ومواطنوه يعلون ويسمون به.
* جاء الاحتفال باليوم الوطني 89 لمملكتنا الفتية؛ بعد غدر الجار الصفوي؛ وتواطؤ الأخ العربي، لضرب مصفاة في بقيق، وأخرى في خريص، فاكتسب هذا الاحتفال معنىً وطنيًا مختلفًا عن ذي قبل. كل علم أخضر ارتفع ورفرف في سماء الوطن، وكل حنجرة غنت لرفعة الوطن؛ كانت تحمل رسالة بليغة للمعتدين والمتواطئين والشامتين تقول: نحن أكبر.. نحن أكبر.. نحن أكبر.
* نحن أكبر.. لأننا في وطن عظيم؛ فيه الكعبة المشرفة، وفيه الحرم المكي الشريف، وفيه المسجد النبوي، وفيه مشاعر حج وعمرة مليار ونصف مسلم..؟ هذا بُعد (ديني تاريخي إنساني مكاني)؛ ليس لأي وطن غير وطني على وجه الأرض.
* نحن أكبر.. لأن أرضنا المقدسة؛ هي مهبط الوحي. ينتمي إليها سيد البشر كافة، محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه، آخر الأنبياء وسيد المرسلين، الذي ولد من بين أرومتها، فدرج وعاش في أكنافها، وبُعث من بطاحها، وسار بنور الإيمان إلى الناس أجمعين؛ وهو من علّمنا حب الوطن، يوم خرج من مكة مهاجرًا إلى المدينة المنورة، فنظر إليها وقال: (والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت)..؟
* نحن أكبر.. لأن بلادنا هي قبلة مليار ونصف مسلم في صلواتهم، ويقودها ملك ابن ملك؛ يفخر بخدمته للحرمين الشريفين، فيتسمى بذلك، وشعب يسعد بخدمة ضيوف الرحمن، وملايين القلوب تهفو إليها من كافة أقطار الدنيا..؟
* نحن أكبر.. لأن بلادنا أكبر. أكبر وأعظم مما يتصورون ويظنون. هي أكبر وأعظم؛ بتاريخ آباء وأجداد كبار عظام؛ خرجوا من هنا فاتحين هادين مهتدين إلى بقاع وأصقاع لم تعرف النور إلا على أيديهم..؟
* نحن أكبر.. لأننا في وطن مهاب الجانب بين الأوطان كافة. له مكانته (الدينية والسياسية والاقتصادية والعسكرية)، وله إسهاماته المشهودة في نشر السلم العالمي، وله دوره في محاربة الإرهاب والتطرف. له أدوار إنسانية واسعة. قال (خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز) حفظه الله: (إننا جزء من هذا العالم، وعضو فاعل في الأسرة الدولية، وتشارك السعودية بفاعلية في مجال التنمية الدولية، والإغاثة الإنسانية). نعم.. هذه بلادنا الأكبر؛ فلها مواقفها المعروفة في مواجهة مكائد الكائدين، وعربدات المعربدين، ومؤامرات المتآمرين، من دول ومنظمات وجماعات؛ تلك التي تسعى ليل نهار؛ لتقويض أمن المنطقة والعالم. وطن بهذا الحجم، بهذه العظمة؛ لا غرابة أن يتداعى عليه حُساده، ويتكاثر خُوانه:
الناسُ حُسَّادُ المكانَ العالي
يرمونه بدسائسِ الأعمالِ
ولأنْتَ يا وطني العظيم منارةٌ
في راحتيْكَ حضارةُ الأجيالِ
لا ينْتمي لَكَ من يَخونُ ولاءَه
إنَّ الولاءَ شهادةُ الأبطالِ
يا قِبْلةَ التاريخِ يا بلَدَ الهُدى
أقسمتُ أنَّك مضرَبُ الأمثال
* نحن أكبر.. لأننا أكبر من عدوانكم، وأكبر من دسائسكم، وأكبر من أحقادكم، وأكبر من نواياكم الخبيثة. نحن أكبر.. أجل؛ كما سبق وأن قال شاعرنا الكبير غازي القصيبي رحمه الله:
أجل نحن الحجاز ونحن نجدُ
هنا مجد لنا وهناك مجد
ونحن جزيرة العُرب افتداها
ويفديها غطارفة وأسد
ونحن شمالنا كبر أشم
ونحن جنوبنا كبر أشد
ونحن عسير مطلبها عسير
ودون جبالها برق ورعد
ونحن الشاطئ الشرقي بحر
وأصداف وأسياف وحشد
* نحن أكبر.. في وطن أكبر. تتكسر على ذُراه عداوات أعدائنا. لا تثنينا الشدائد عن أهدافنا. كل مواطن يحمل همة نحو قمة. نصبر ونحلم، ونأخذ حقنا وقت ما نريد. نتعرض لعدوان صفوي سافر، وطعنات جوار غادر. يقف العالم كله معنا بين مندد ومنكر وشاجب وداعم؛ إلا العملاء والأذناب من بِغال الفرس وعُبدانهم:
جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ
وَإنْ كانت تُغصّصُنِي بِرِيقِي
وَمَا شُكْرِي لهَا حمْداً وَلَكِن
عرفت بها عدوي من صديقي
* نحن أكبر.. أنتم أصغر.. موتوا بغيظكم يا أرباب الإرهاب والنفاق والعمالة الرخيصة. بلادي تظل أكبر؛ لأن شعبها دائمًا أكبر. نحن أكبر رغم كل الأراجيف، وكل الشائعات، وكل العداوات والمؤامرات. رحم الله شاعرنا الكبير أحمد بن إبراهيم الغزاوي الذي قال وكأنه معنا اليوم:
أشاع المرجفون بكل قطر
شوائع تملأ الدنيا اكتئابا
وظلوا ينشرون السوء عنا
وما ندري لنا ذنبًا معابا
سوى أنّا على التقوى أقمنا
صروح الدين واجتزنا الصعابا