مع حلول اليوم الوطني (89) لمملكتنا الغالية، يتجدد لدى كل مواطن سعودي فخره بالانتماء إلى هذه الأرض الغالية، ونباهي اعتزازًا باستمرار النمو والتطور والازدهار الذي تشهده مختلف أرجاء البلاد -بفضل الله- ثم ما ننعم به من وحدة وسلام تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله.
ومع ما يؤكده التاريخ السعودي من حرص القيادة الرشيدة في المملكة على دعم صناعة النقل، كونها عصب الحياة وشريان الاقتصاد، ندوّن جميعًا أن مؤسس هذا الوطن، الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- كان لأكفّهِ البيضاء الغرسة الأولى عندما حرص على تدشين أول سكة للحديد تربط بين العاصمة الرياض ومدينة الدمام في العام 1951م، لإيمان القيادة بما يشكله النقل من ثقل وعمق كفيل بتحقيق متطلبات التأسيس في أي مجتمع نامٍ من أهمية تلبية الاحتياجات الإنسانية وإثراء الاقتصاد وتحقيق خطط التنمية.
واستمر الدعم متناميًا على يد قيادة المملكة، ومعه نعيش اليوم التطور والنماء الذي شمل أهم الصناعات القادرة على النهوض بالمهمة الريادية المستقبلية تحقيقًا لرؤية 2030، ومن بينها صناعة النقل، فجاء تدشين مشروع قطار الحرمين السريع على يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- في سبتمبر من العام 2018م متوّجًا لما تعيشه صناعة النقل في المملكة من قفزات متتالية، وبرهن أبناء الوطن من القيادات الشابة على استحقاقهم للثقة الغالية عبر النجاح الكبير في تشغيل قطار الحرمين السريع الذي يحتل مكانة فريدة كأكبر مشروع للنقل العام في الشرق الأوسط.
وانطلاقًا من الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة بالحاج والمعتمر والزائر، فإن مشروع قطار الحرمين جاء مترجمًا لحجم عناية المملكة وقيادتها بضيوف الرحمن، فقطار الحرمين الذي يستهدف نقل 60 مليون مسافر سنويًا بين خمس محطات في كل من مكة المكرمة، والمدينة المنورة، ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية برابغ، ومحافظة جدة، ومطار الملك عبدالعزيز الدولي بدأ فعليًا في ترجمة العمق الإستراتيجي له كركيزة في تطوير صناعة النقل في المملكة، حيث احتفلنا جميعًا بنقله للحجاج لأول مرة في موسم الحج المنصرم للعام 1440هـ.
الاهتمام ذاته والعناية ينسحب على كل أنشطة النقل البري والبحري، حيث إن المملكة وهي تعمل جادة على التحول إلى منصة لوجستية عالمية بحلول 2030، لن تتنازل عن معايير الكفاءة والتفرّد التي تكفلها التقنية الحديثة في مشاريع الوطن العملاقة، ولن تقبل بديلاً عن تحقيق الاختلاف النوعي إقليميًا ودوليًا، ولن يغفل شباب هذا الوطن عن عزمهم الجاد على توطين مختلف الصناعات الذين أثبتوا مع مرور الوقت ومع منحهم الفرصة الكافية، وتعزيزهم بالتدريب المتخصص، فقد قطعوا الشك باليقين بأنهم الأقدر والأكفأ على النهوض بها وتحقيق مفهوم الاستدامة الكفيل بترسيخها في المستقبل.
وإن هذا التطور المتسارع في صناعة النقل، يعبر بوضوح عن عزم الجميع الصادق على تقديم الأفضل بما يواكب النهضة الحضارية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها بلادنا الغالية في هذه الفترة المضيئة من تاريخها الحديث. كما ندرك جميعًا أن (رؤية المملكة 2030) أضاءت نبراسًا ومهدت طريقًا لا مكان فيه سوى للعمل على تحسين الواقع وتحويلنا إلى مجتمع منتج وفق نهج إداري واقتصادي دقيق لبناء وطن مؤثر وفاعل على المشهد الدولي، مع استمرار بناء الإنسان ورعايته والعناية به لكي يؤدي دوره الإنساني والحضاري المأمول وهو الذي امتلك الوسائل التي تساعده على المشاركة الفاعلة في إعمار هذا الكون.
من هذا المنطلق، يأتي دور الهيئة العامة للنقل في تنظيم صناعات حيوية في كل اقتصاد حديث وهي صناعة النقل السككي والبحري والبري، وتشريع أنشطتها وتشجيع الاستثمار فيها من خلال المستثمر المحلي والدولي، فالهيئة شريكة في دعم كل مستثمر يعمل معها على تحقيق أعلى معدلات الجودة والكفاءة، وبما يخلق فرصًا متنوعة للتوطين وتتماشى مع أدق المعايير العالمية الكفيلة بتحويل النقل ومختلف قطاعاته إلى رافد اقتصادي وطني يعوّل عليه في مسار المستقبل الزاهر.
ختامًا، أتشرف بهذه المناسبة أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريك إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- وإلى الشعب السعودي الكريم، والذي تتجدد سمات ولائه بدءًا من كل مواطن مدني وتمتد لتتكامل مع جهود جنودنا البواسل على الحد الجنوبي، وما يقدمونه من تضحيات إعلاء لكلمة الله وحماية حدود الوطن، مؤكدين كل يوم أننا في وطن يستحق كل هذا الحب والولاء من أبناء وطن معطاء تجاه واجبات وطنية نبيلة، ولها آثار يراقبها العالم، وتصل إلى كل من ينعم بالحياة على ثرى وطننا الطاهر من مواطن ومقيم.