فهد بن جليد
علينا التوقُّف عن الشعور بالصدمة من ردود وتعليقات وآراء البعض، وطريقة تفكيرهم تجاه (قضية ما) مطروحة للنقاش عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ فقبل الدخول في حوار عقيم أو جدال غير منتهٍ عبر «تويتر»، وغيره من وسائل التواصل الأخرى، تذكَّر أن (الأطباء النفسانيين) يحثون مرضاهم على التفاعل مع العالم، والاختلاط بهم عن طريق هذه الوسائل والمنصات (كأسلوب علاجي) ضمن خطة التخلص من الاكتئاب والاضطرابات النفسية، وغيرها من الأمراض؛ للشعور بالاندماج، والتخلص من الوحدة، وتدريب النفس، ولجم السلوك. وهذا مثبت طبيًّا، وخصوصًا عندما يشعر المريض بالرغبة في الانتحار؛ الأمر الذي يفسِّر المناكفات والآراء الحادة الصادرة من البعض عند الدخول معهم في حوار أو مناقشة؛ لذا أنصح كل مستخدم قبل الدخول في حوار أو جدال عقيم مع (أي أحد) التمييز والتفريق بين أصحاب الرأي والطرح والنقاش الطبيعي الذي يمثل قناعاتهم ووجهات نظرهم المختلفة التي تحترم وتقبل، ومَن يدخلون هذه الوسائل (لأغراض علاجية)؛ وهو ما يشكل -برأيي- ضغطًا نفسيًّا جديدًا على صحة (المستخدمين الأسوياء)؛ ليتحولوا بدورهم إلى أشخاص محتقنين، أصحاب آراء حادة أيضًا، لا يقبلون النقاش والاختلاف بسبب ما يواجهونه من (تنمُّر) وحدة وجدال عقيم من الفريق الأول.
لا يجب عليك التعليق على كل رأي، ولست ملزمًا بالدخول في جدال ونقاش طويل تجاه قضية يتضح أن الطرف الآخر لا يرغب في الوصول إلى نهاية لها؛ لأن مثل هذه الأساليب العقيمة هي (جرعة علاج يومية)، يتعاطاها عندما يركل هذا، ويرفس ذاك، ويسبُّ هذا، ويعلق على الآخر، وينتقص من قدر الناس، ويسفِّه آراءهم وطرحهم؛ ليبدأ إشعال الحرائق بدلاً من البحث عن النقاط المشتركة والانطلاق منها. هنا تأكد أن البُعد عن هذه الشخصيات أفضل بكثير لصحتك ونفسيتك وأسلوبك، وحتى تحافظ على رُقيك في الطرح والنقاش والحوار، وتُحسن فن الاختلاف، بالبُعد عن الجدل عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذي تصدَّر قائمة الأنشطة اليومية التي يجب الابتعاد عنها.
هذه واحدة من أسوأ وعيوب ساحة التواصل المفتوحة -برأيي- فأنا وأنت مَن سندفع ثمن (تبطح وتسدح) هؤلاء على جادة تويتر ومنصات التواصل الأخرى إذا دخلنا معهم في نقاش، أو سمحنا لهم باقتحام عالمنا الخاص؛ حتى لا نتلقى ركلاتهم وتعليقاتهم وآراءهم (غير السوية) باعتبارها آراء معتبرة ومطروحة يجب الانتباه لها، والتفاعل معها.
الأطباء لن يتوقفوا عن توجيه مزيد من مرضاهم إلى وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض علاجية، وهو حق مشروع، وأسلوب معتبر.. ونحن يجب ألا نتوقف عن الاستمتاع بهذا العالم والتفاعل مع الآراء والأفكار المطروحة فيه.. المخيف فقط، وما يجب الانتباه له، أن لا يكون هناك (مستخدمون) أُصيبوا بالعدوى دون أن يعلموا، بحملهم الأعراض ذاتها، لكن دون متابعة طبية هذه المرة!
وعلى دروب الخير نلتقي.