د. محمد خيري آل مرشد
هل يوجد خلل في سلوكياتنا, بكل شفافية ووضوح نعم... السلوك الفردي هو كل ما يصدر عن الفرد من أفعال أو أقوال أو تفاعلات مع الآخرين، أي تفاعل الفرد مع محيطه. إن السلوكيات الفردية تكون عادة نتاج مجموعة مبادئ أخلاقية جمعية مشتركة ويعتمد السلوك الفعلي للأفراد على مقدار الإيمان بالسلوكيات المجتمعية الجامعة والمشتركة لمجتمع ما, أي ثقتهم بنتائجها الإيجابية عليهم, والتي هي نتاج مؤثرات حضارية وثقافية مختلفة يعتقد أنها الأدوات التي تحافظ على المجتمع.. وحيث حددها العالم الألماني سبرانجر بستة مجموعات قيمية هي: القيم الدينية، القيم السياسية والقيم الاجتماعية، والقيم النظرية والقيم الاقتصاديّة والقيم الجمالية.معظم مشاكلنا مع المحيط نتاج خلل سلوكي ما, لا نستطيع التحكم بسلوكياتنا بشكل صحيح أو يصدر عنا تفاعل غير إيجابي تجاه الآخرين، وفي أحيان كثيرة نرتكب حماقات غير مقبولة للطرف الآخر مما يسبب إرباكاً أو تعكيراً في هذا التفاعل ويسبب اختلافات بل قد تتعدى لأزمات قد تكون لها عواقب سلبية. هل فكرنا كيف تكون تصرفاتنا مع الآخرين سواء كانوا من محيطنا القريب أو ممن نتعامل معهم يومياً نقدم لهم خدمات معينة أو يقدمونها لنا وكيفية ردة أفعالنا وتفاعلاتنا بيننا.. هل ترى أنها إيجابية؟ أم أن أقلها يتخللها نبرات أو حركات أو كلمات غير مريحة, ناهيك عن الاستجابات السلبية لتخليص المعاملات اليومية. نتحدث بالعموم ولا نعمم أو نخصص..! لنعطي بعض الأمثلة كيف نتعامل في مواقف السيارات؟ هل نأخذ مكاناً يكفي لسيارة واحدة أم نشطح لنأخذ ثلاثة مواقف غير مبالين أن باقي المواقف يحتاج إليها غيرنا، كيف نقود هذه السيارة في الشارع؟ هل لقضاء حاجاتنا أم لارتكاب حماقات قد تودي بحياتنا وحياة غيرنا, كيف نتصرف مع من هم بحاجتنا, مراجعينا, أطفالنا, زوجاتنا, مع سائقنا الخاص, مع شغالتنا, مع النادل في المطعم، مع الممرضة, مع من لا نعرفهم في مكاتبنا؟ كيف نشكر من يقدمون لنا أي خدمة؟ هل نستخدم عبارات وكلمات تريح أنفسهم وتعطيهم دافعاً إيجابياً لخدمتنا الآن وإذا تكررت مرة أخرى؟ هل نستخدم ما تعرف بالكلمات السحرية مثل أشكرك جداً, وأنا ممتن لك للغاية, وإذا سمحت لي, وبعد إذنك, ومن فضلك وهذا من لطفك و... تدرس السلوكيات والقيم? good manners and values في الشرق والغرب كجزء أساسي من المناهج الدراسية وحتى في الجامعات هناك مادة الأخلاق ethics, وهناك معاير تقيم السلوك السوي من ضده, فنحن بحاجة ملحة لتدريس مبادئ السلوكيات في المدارس وبحيث تبدأ من الصفوف الأولى لكي تثبت وتنغرس في نفسيات البراعم الجميلة في مجتمعاتنا, فمن شب على شيء شاب عليه. لقد عسينا وهرمنا كثيراً على استخدام هذه العبارات ونجد أحياناً إحراجاً من استخدامها بينما ينحني لك الشرقي إلى الأرض شاكراً، ويقدم لك الغربي أجمل كلمات الاعتذار أو المقدمات لطلب خدمة ما..! هم فقط تعلموا ذلك في سلوكياتهم وتعودوا على استخدامها ومارسوها يوميا.. كيف نعلم أولادنا احترام الآخر واحترام القيم والقوانين وغيرها هل بتعليمه (خذ حقك بيدك).العجيب أنه أصبح حتى لجلافتنا فلسفة خاصة وتبرير فوق تبرير ينبئ عن خلل في التفكير, أما النظرة العلوية والفوقية والتكبر فحدث ولا حرج رغم خواء عقول البعض تماما, نعم. إن تقويم سلوكياتنا أضحى ضرورة ملحة جداً وهي أشبه بتقويم الأسنان التي لا تركب على بعضها, فهي لا تؤدي وظيفتها كما يجب وهناك فجوة بينهم وقد ينمو أحدهم ويتطاول على منظر باقي الأسنان وأيضاً منظرها غير جميل.. هكذا هي الأخلاق والسلوكيات إن لم تعالج وأيضاً إن لم يؤسس لها ونقوم بغرسها وتقويمها في الأجيال الصاعدة فنحن مهددون بالعزل عن باقي المجتمعات, وقد بدأ بعض العزل فعلياً, ففي المطارات نعزل وفي استخراج تأشيرات الدخول نعزل ووو.. فبالإضافة لتقصيرنا في التقنيات والبحث والتقدم والتطور العملي فنحن مقصرون في سلوكياتنا تجاه بعضنا البعض وتجاه الآخرين, ألا نريد لأطفالنا أن يكونوا خير منا سلوكيا؟ هل لدينا مشكلة سلوك؟، نعم, علينا التفكير في الحل..!