هالة الناصر
للقراءة من الكتب متعة لا يعرفها إلا من عاشها، وميزة لا تتوفر لدى الكثيرين ممن لا يهتمون بـ»الصديق الوفي»، فالكتاب يأخذك في أماكن لم تحلم حتى بالذهاب إليها وأنت جالس في مكانك، يقودك إلى واقع ممزوج بخيال الكاتب. وفي السابق كان الارتباط بالكتاب وثيقاً، لدرجة أنه أصبح «صديق الكل»، غير أن متغيرات التكنولوجيا دفعت البعض إلى تركه والاتجاه إلى وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة، أو القراءة عبر الـ»PDF» مع طلاق أبدي بينهم والكتاب، وآخرون هجروا الكتاب دون بديل آخر، ما يشكل خطورة كبيرة على الحالة الثقافية، فبدون قراءة تتردى ذائقة المجتمع، وتقل ثقافته، ويكون معزولاً عن العالم وإن عاش فيه. وينبغي أن تنتبه الأسر لخطورة عدم قراءة الكتاب بالنسبة للأطفال والشباب على حد سواء، وأن يضعوا في أذهانهم أهمية القراءة وفوائدها التي تتمثل في تحسين المهارات اللغوية، وتنمية المعرفة، إذ إن ممارسة القراءة للأطفال بشكل مستمر وواسع يحسن أداءهم فيها، وتعد تمريناً للدماغ وتعزز ترابطاته، وتحسن التركيز، لأن الكتب القصصية أو غيرها تشده للمعرفة أكثر من مشاهدة التلفاز، ما ينمي على المدى البعيد مهارة التركيز لديه، وتساعد القراءة الطفل في التعرف على الأشخاص، والأماكن، والأحداث البعيدة عن تجاربهم الخاصة، مع تحسين المفردات وتعلم كلمات جديدة، وتطوير المخيلة، وتحسين الأداء الأكاديمي. أما الشباب والكبار فهم الآخرون بحاجة إلى قراءة الكتب باستمرار، فالقراءة هي سر تقدم الشعوب والحضارات، والمواظبة عليها أياً كان المجال أو الموضوع سيغير الشخص كلياً، ويصبح الفرد ينظر للأمور بمنظار آخر. ومهما كتبنا عن فوائد القراءة لن ندركها إلا إذا مارسناها بأنفسنا حينها سندرك أهميتها. وللقراءة فوائد طبية أيضاً، إذ تقول دراسات إن البقاء في حالة تحفيز ذهني يبطئ أو يمنع حدوث الزهايمر وفقدان الذاكرة، فالمخ كأي عضلة في الجسم يحتاج إلى التمرين ليحافظ على قوته وصحته، لذلك القراءة، وحل الألغاز وممارسة بعض الألعاب كالشطرنج يؤدي إلى هذا التحفيز. لذلك لابد لنا من تشجيع القراءة والتحذير من مخاطر تركها لتكون شعوبنا أكثر تحضراً ومعرفة واطلاعاً من غيرها في المستقبل.