فهد بن جليد
الشهر الماضي اختتمت ورشة عمل (كود بناء المساجد بالمملكة) التي نظمتها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وهي خطوة رائدة وإيجابية في الاتجاه الصحيح لوقف المُمارسات والاجتهادات التي يمكن تقنينها للاستفادة من أحدث معايير البناء العصري لمساجدنا وجوامعنا بمختلف المساحات والتصاميم، الجميل أن الوزارة فتحت الباب لمُشاركة 150 مختصًا بالعمارة والتخطيط والتشييد من الأكاديميين من مختلف مناطق المملكة، في هذه الندوة ليُناقشوا ستة محاور هي: التخطيط، والتصميم المعماري، والأحكام والأنظمة المُتعلقة ببناء المسجد، وتشغيل وصيانة المسجد، إضافة للتقنيات والكماليات والمكملات المُتعلقة ببناء المسجد، و-برأيي- أننا ندفع ثمن كل يوم يمضي دون وجود (كود بناء موحَّد) للمساجد والجوامع، نتيجة اجتهاد بعض المُحسنين -وفقهم الله- في بناء مساجد بمعايير ومواصفات وتكلفة مُتباينة، يمكن استثمارها للتكفل ببناء أكثر من مسجد، إضافة للاستفادة القصوى من البناء ليكون قابلاً للتفاعل مع مختلف البرامج والأنشطة المجتمعية عند الحاجة.
كتبتُ سلسلة من المقالات حول المساجد الخضراء وكيف يمكن العناية بالمساجد والاستفادة منها، ولعلَّ آخر ما كتبتُ مقال (أفكار للعناية والاهتمام بالمساجد) في 18 يناير 2019، لأنه -برأيي- مازال أمامنا فرصة للاستفادة من عدة مبانٍ تنتشر في المُدن والحواري - بما يتناسب مع طبيعتها ومكانتها- ولا يخدش قدسيتها وحرمتها، وعلى رأسها المساجد والمدارس، ومن نافلة القول الحديث عن مكانة المسجد واستخداماته في الإسلام، وكيف أنه حتى وقت قريب مجمع أهل الحي، والمكان الذي يقصده الضيف والغريب عند قدومه للمدينة أو القرية، المسجد مكان مناسب لإطلاق الحملات الصحية والتوعوية، هو أكثر المباني حيوية في المدن والقرى، لذا يمكنه احتضان الأفكار التوعوية والإرشادية الصحية والاجتماعية والبرامج المُشابهة (لحملات التبرع بالدم) وغيرها من الأنشطة، ما يجعلنا نتمنى ونتطلع عودة الدور الحيوي والفاعل للمسجد وأمامه في كل حي، وعدم ترك الأمور للاجتهادات الشخصية هنا وهناك، ولعلَّ وجود بناء موَّحد للمساجد والجوامع، مع توفير الإمكانات اللازمة لتفعيل البرامج واحتضانها سيُغير المشهد نحو الأفضل.
بالتوازي مع الولادة المُنتظرة (لكود بناء) المساجد، أرجو تسريع الخطى وتفعيل برنامج سبق أن أطلقته الوزارة ولا أعرف مصيره، وهو تحويل المساجد القائمة حاليًا إلى (مبانٍ خضراء) صديقة للبيئة، تعمل بالطاقة الشمسية، وتنتج الفائض منها على طريقة بعض المساجد في أوروبا وإفريقيا، فالتوجه نحو الأبنية الخضراء لم يعد خيارًا في الكثير من المجتمعات، بل بات ضرورة واشتراطًا في البلدان المُتقدمة، وفي ظني أن وزارة الشؤون الإسلامية بقيادة معالي الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ قادرة على إحداث الفارق بمثل هذه المشروعات.
وعلى دروب الخير نلتقي.