د.محمد بن عبدالرحمن البشر
احتفلت المملكة العربية السعودية بيومها الوطني التاسع والثمانين، وهو توحيد المملكة على يد المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وقد عاش سكان المملكة العربية يومهم في سرور، ومارسوا ما يحلو لهم من أوجه الإسعاد، وهناك من اجتمع مع أهله في منزله على وليمة مناسبة، وفي مساء كانت أنواع الحلويات تزين المائدة، وغيرهم ذهب مع عائلته وأقربائه أو أصدقائه إلى المطاعم أو أماكن الترفيه الأخرى، وكلهم يحدوهم الأمل بمستقبل مشرق، يحمل الخير لأبناء المملكة وقاطنيها من الإخوة الوافدين.
لم تؤثر مقذوفات الأعداء على شيء يذكر سواء في حياتهم اليومية، أو برامجهم العلمية، عاشوا في طمأنينة هناك، ذهبوا أينما شاءوا، وساروا إلى أي وجهة أرادوا، دون تردد.
لم يتغير شيء في دخلهم نتيجة مقذوفات الأعداء، ولم يتغير قيد أنملة مما كانوا يعيشونه، أو ما يمارسونه، فالأسواق مليئة بالباعة والمشترين، والناس يجوبونها ذهاباً وإياباً، يملأوهم الأمل، وتدفعهم الثقة، لا شيء تغير هنا، فالاقتصاد لم يتأثر بشيء يذكر.
في الجانب الثاني، وفي الوقت الذي يحتفل فيه الشعب السعودي بيومه الوطني، نجد الشعب الإيراني المغلوب على أمره من قبل مجموعة عشعش في ذهنها خلفية تاريخية فانية، وأيديولوجية تستخدمها سلاحاً لإحياء الأموات.
في إيران دخل الدولة والفرد، ومقدار النمو، ومعدل البطالة، ونسبة التضخم، واحتياطي العملة الصعبة، وأسعار الأسهم الإيرانية، وقيمة العملة الإيرانية، والقوة الشرائية، وتوفر المواد الأساسية، والعائد من الصادرات، ومقدار التبادل التجاري، والعجز في التبادل التجاري، ومعدل الفقر، والتوزيع الطبيعي للثروة، ومعدل العرض والطلب في أسواق المواد الغذائية، والعملات، وانتشار الممنوعات، وكفاءة الإنتاج، والبنية التحتية، ومؤشرات ثقة المستهلك، ومقدار التفاؤل، وأدوات رسم المستقبل، ومعدل البناء والتشييد، وغيره الكثير، جميعها سلبية، كالحة السواد، تزرع شوكاً، وتنتج حنظلاً، فلا هو ورد، ولا هو خلية نحل، يأمل المواطن الإيراني أن يقطف منها بعد حين وردة جميلة ذات رائحة زكية، ولا يجني عسلاً لذيذ الطعم، طيب المذاق، غذاء للأكباد، وشفاء للعقول والأجساد، لكنه حنظل ملبن بالشوك، ومر الطعم.
يعلم القاصي والداني أن الشعب الإيراني غير راضٍ بما هو فيه، وغير سعيد بما ابتلي به، ويعلم الجميع أنه قد سئم من دهور متوالية وهو في شغف من العيش، لا يرى إلاّ أبواباً موصدة، ومنافذ مغلقة، وذهبت أجيال، وجاءت أجيال أخرى، والحال تزداد سوءاً، والمستقبل يزيد قتامة، والضوء يتحسر في ظل هذا النظام، رغم أن إيران بلد متنوع الطقس والطبيعة، وتختزن أرضه أنواع شتى من الثروات العائلة، وليس النفط والغاز فحسب، بل هناك معظم المعادن بما فيها اليورانيوم.
الشعب الإيراني يأمل أن يرى يوماً وطنياً مزهراً، ينعم فيه بالطمأنينة والرخاء والأمل، لكنه لا يلبث أن يفقد أمله، بعد أن يرى مستقبلاً مظلماً، تتخطفه الخطوب، وتتيه به الدروب، وتشوبه المثالب والعيوب، وكيف له أن يحمل الأمل بين خافقيه، وهو يرى الدول العظمي فاغرة فوهات قذائفها، وهي مكبة على زناد آلاتها، تنتظر الوقت المناسب للانقضاض، لكي يتم إنقاذ الشعب الإيراني من وضعه الذي هو فيه، والذي طال أمده، واتسعت رقعة تأثيره، وجر معه غيره من دول غي المنطقة، والتي سارت مسيرته فذاقت من المر بعض ما ذاق الشعب الإيراني، مثل الحوثيين وغيرهم.
الشعب الإيراني، يرى بجانبه دول الخليج، وهي آمنة مطمئنة تعيش في رخاء، وتبني صروحاً، وتبحث عن مستجدات لتوسيع الآفاق، ورسم ما يمكن تحقيقه في المستقبل القريب والبعيد.
من المؤكد أن الشعب الإيراني يرى عبر وسائل الإعلام، احتفال السعودي بيومه الوطني، ولا يضره أن طن ذباب روضة، فإن كان الذباب قد طنَّ في الروض فلأن الروض مورقاً مزهراً، زكي الرائحة، نفاذاً، تعلوه مسحة من قطرات الندى، وشمعة من نسيم الصبا، وكل سيحصد ما زرع.