العقيد م. محمد بن فراج الشهري
خلال (5) سنوات مضت كتبتُ العديد من المقالات حول الأوضاع اليمنية، وكان حدسي في كثير من الآراء التي طرحتها وشاهدتها على الواقع تتحدّث وتحدُث.. الحقيقة المُرّة التي يجب أن يعرفها الجميع أن بعض اليمنيين يعملون ضد بلدهم: خيانات، واستهتار بمقدرات البلد، وشيوخ قبائل تبلدت أحاسيسهم، وقادة في ضياع مستمر، وميليشيات وتجمعات وأحزاب تعمل للخراب وترك الحوثي يعمل في اليمن كيفما شاء، مع سكوت تام وتغاضٍ فاضح لمجلس الأمن، والمجتمع الدولي، والدول الأوروبية على كل جرائم الحوثي بشكل لافت، لا يخفى على أحد، ومواصلة المد الإيراني للحوثيين بأنواع الأسلحة كافة. والخيانات السابقة التي ذهبت بأسلحة علي عبدالله صالح كلها للحوثيين، والمساعدات الإيرانية التي تعطي لليمني الريال مع الرصاصة؛ ليقتل أخاه، وتوزع الألغام حتى داخل الشوارع، والبيوت والأحياء.. واليمنيون يتقاسمون مساعدات التحالف لبيع الأسلحة وتخزين القات، والتجول من منطقة لأخرى.
وفي حديث لافت لمجموعة ممن يرسلهم المجلس الانتقالي للجبهات، نُشر في وسائل التواصل، تبيّن أن المقاتلين لا يعلمون من يقاتلون أو مع من، وذلك في وقفة محزنة وغير عادية، توضح فقدان الحكمة والتعقل.. ثم ما الذي حدا بالمجلس الانتقالي أن يقوم بمثل ما قام به من خراب ودمار، في وقت تكاد فيه الجهود تقترب من الخلاص من الحوثي؟.. هذه الحركة كانت في غير وقتها، ولا زمنها، وليس لها من قيمة، سوى مساعدة الحوثيين على زيادة العبث، وإحراق ما تبقى من مقدرات اليمن. فقد بذلت المملكة العربية السعودية جهودًا غير عادية، ودفعت المال والرجال لمساعدة اليمن وأهله كافة، ورعاية مواطنيه، ومد يد العون لهم، ولن تصلح أحوال اليمنيين على هذا النهج وهذا الأسلوب حتى لو استمرت الحرب عشر سنوات أخرى.. بل ستزيدهم اشتعالاً وتفككًا.. وقلت ذلك مرارًا، وأؤكد مرة أخرى أنه ما لم يتغير هذا النهج، وهذا الأسلوب، ويكف المسؤولون المحسوبون على الساحة اليمنية عن تصريحاتهم المخزية، وابتعادهم عن وطنهم، وتبادل التهم، وحرق ما تبقى من بقايا العباد والبلاد، والوقوف صفًّا واحدًا على الأقل حتى ينتهي أمر الحوثي، ثم بدء حوار تعقلي، يتيح لكل اليمنيين الدخول في موكب واحد وطريق واحد، يسد كل الفراغات السابقة، ويحقق آمال الجميع.. إذا لم يفِق اليمنيون من غفوتهم.. فسيكون مآل اليمن كله للضياع، ولن تقوم له قائمة.. ولن يصلح العالم أو التحالف أو غيره البلد، لن يصلح البلد غير أهله؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} سورة الرعد (10). فهل نرى ذلك يتحقق أم يستمر التدهور حتى ينهار اليمن في أنحائه ومناطقه كافة؟.. آمل أن يعود كما كان حرًّا أبيًّا.