في غمرة الاحتفال بالذكرى العزيزة التي تؤرخ ليوم النشأة الأولى لوطن العز والشموخ «المملكة العربية السعودية» يصادف يوم الاثنين الموافق الرابع والعشرين من محرم 1441هـ - الثالث والعشرين من سبتمبر 2019 اليوم الوطني التاسع والثمانين, نسترجع فيه أهم النضالات والملاحم الخالدة التي حري بنا أن نقف وقفات تأمل طويلة تجاهها، نستذكر فيها ما حققه جلالة القائد الملهم الهمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ بعزيمة وإصرار وإيمان عميق بربه, موحدًا البلاد بعد الشتات، وصانع حضارة الوطن, ومؤسس هذا الكيان الذي ستبقى ذكراه شاهدة لا تشيخ في ذاكرة الوطن.
به تعالت صروح العلم بنهضة حديثة شاملة، وبكل ما يرنو إليه شعب متحضر، يتفيأ ظلال مواقفه ودهائه وفطنته وذكائه؛ ليورثها لرجال أوفياء، تعمقت جذورهم في أعماق التاريخ الحقيقي، وشمخت فروعهم في العالي، تحاكي السماء بكبرياء وشمم: سعود, وفيصل, وخالد, وفهد, وعبدالله.. ملوك كانوا وما زالوا ضمير الأمة، ومبعث عزها وفخرها، ومحط أنظارها وآمالها، ومحور تطلعاتها. وجاء سليل الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ ليكون الامتداد الأصيل لأسلافه الغر الميامين بوصفه قائد الأمة, وحامي حمى الملة والدين, ورمز الوحدة والسيادة الوطنية بجميع تجلياتها.
فمنذ أن تسلم خادم الحرمين الشريفين زمام الأمر وهناك ثورة شاملة في العلم والعمل والإدارة تهدف إلى إشراك جميع فئات المجتمع في التنمية.. فبفضل حكمته ونفاذ بصيرته وبُعد نظره وشجاعة قراراته تغيّر وجه المملكة كليًّا؛ فقد كان يدرك حجم التحديات الحقيقية التي تعيشها بلاده, ويعي المعضلات الرئيسية التي تعاني منها المنطقة, فقدم توصيفًا عمليًّا واقعيًّا فريدًا في الإبداع والتفوق والتميز لتحسين نوعية الحياة, متيقنًا أن مسيرة التقدم في العالم مستمرة ولا تتوقف؛ لذا اختط نهجًا للإصلاح والتنمية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تمثلت بالإصرار والتصميم على تجذير أسس الديمقراطية والعدالة، بما يعود بالنفع المباشر على حياة المواطنين.
ولقد آمن - حفظه الله - بوجوب الاستثمار في الموارد البشرية، وتأهيل الإنسان السعودي؛ لأنه أساس نجاح الاستثمار بمجمله، ونوعية الإنتاج التي تعمل على استمرارية التقدم والتطور الصناعي والعلمي والزراعي والسياحي.. وتحقق بذلك النمو على الأصعدة كافة.
وبحق فإن حصيلة الإنجازات يصعب حصرها, ولاسيما أن هذه الإنجازات لم تترك مجالاً إلا وكان لها فيه نصيب سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا عبر قرارات أدهشت العالم, ما فتئت شعلتها تتقدم وتكبر لتكون منارة ساطعة، أضاءت بإشعاعها وتألقها مختلف أرجاء المعمورة.. وأسهمت بشكل كبير في ترسيخ الانتماء للوطن، والالتفاف حول المصلحة الوطنية.
وكان النهوض بحقوق الإنسان في صلب المشروع المجتمعي الحديث الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين, وكان من ضمن هذه الحقوق إنصاف المرأة؛ ليعزز دورها داخل الأسرة مع منحها حقوقًا جديدة؛ وذلك تجاوبًا مع التطلعات المشروعة لها, مشددًا على الالتزام بأحكام الشرع, ومقاصد الإسلام السمحة, مع الاستهداء بما تقتضيه روح العصر «متغيراته وتطوره».
ومع حلول الذكرى التاسعة والثمانين يقف الشعب السعودي وقفه إجلال وإكبار مستحضرًا التحولات الإيجابية المشهودة، والخطوات الجبارة التي حققتها المملكة العربية السعودية, واليقين يحدوه بأن تبوُّؤ هذه المكانة الرفيعة لم يكن ليتحول إلى حقيقة من دون آصرة قوية بين القيادة والشعب, تجسدها رابطة البيعة؛ إذ إن تواصل الحكم الرشيد والثبات على النهج القويم يعد مفتاح الاستقرار والرقي والازدهار.. وشكل على الدوام الأساس المتين والتعبير الأسمى عن مدى التلاحم والاستمرارية.
ولن أنسى بحال قواتنا المسلحة بكل فئاتها التي كانت - وما زالت - مصدر إعجاب وتقدير شعوب العالم كافة عن إجماع واضح؛ وذلك لتشبثهم بالوحدة الترابية للمملكة، ورغبتهم في صون حرمتها، والذود عن حماها.
أخيرًا: في مناسبات الوطن العزيزة على قلوبنا ندعو الله أن يحفظ المملكة قوية عزيزة منيعة، وأن يحفظ قيادتنا، ويرحم شهداءنا.
وكل عام والوطن وقائد الوطن وولي عهده وقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية والشعب السعودي الطيب بألف خير.
** **
الأمير الدكتور / خالد بن فيصل بن تركي آل سعود - وكيل الحرس الوطني للقطاع الغربي