الاحتفاء باليوم الوطني إحساس جميل يتجدد كل عام ليعيد في نفوسنا ذكرى التوحيد والتأسيس وكفاح البطل المؤسس الملك عبد العزيز ورجاله الأوفياء الذين أقاموا بعد -توفيق الله- صرح الوطن العملاق وأرسوا كيانه ووضعوا قافلته على طريق الأمجاد التي تواصلت على أيدي أبنائه القادة الأفذاذ، وصولاً إلى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين رجل الحزم والعزم الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهما الله.
إذاً فإن اليوم الوطني ليس ومضة زمنية تمر بنا للاحتفاء فحسب بل وقفة أمام التاريخ ومساءلته كيف كان الوطن يعيش حالة من الفرقة والتشتت وانعدام الأمن وضياع المصالح وكيف أصبح وطناً موحداً عملاقاً ينعم المواطن في فيئة بالأمن والرخاء والاستقرار. وذلك حتى نتأمل ونستخلص العبر من المواقف البطولية والعزائم الشجاعة للرجال الأفذاذ الذين أبلوا بلاء حسناً في لَمِّ شتاته وتوحيد أجزائه المترامية الأطراف، والقضاء على كل عوامل الفرقة والتناحر والتخلف، وتسليمه لنا وطناً كبيراً رائداً ينعم بالخيرات ويرعى شؤون الأمة ومقدساتها ومصالحها وحقوقها ومقدراتها ويسعى لنشر السلام والوئام في الأرض. وفي هذا التأمل والاستبصار ما يجعلنا نحن أبناء اليوم نستشعر ثقل الأمانة وعظم المسؤولية تجاه وطننا وملاذنا الآمن وإدراك قيمته ومكانته وعدم التفريط بأمنه واستقراره ومكتسباته، والتعاضد والتلاحم مع قيادتنا الرشيدة لحمايته والسعي لإعلاء شأنه وزرع محبته ومكانته في نفوس الأجيال ليظل شامخاً مزدهراً بالخير والعطاء والنماء، ونائياً عن الفتن والمكائد والمؤامرات - بإذن الله.
وإذا كانت مرحلة التأسيس التي نحتفي بذكراها الغالية تعد من أهم المراحل الفاصلة في التاريخ الحديث، فإن الحراك الحضاري الكبير الذي نشهد اليوم في إطار الرؤية الوطنية (2030) يعد مرحلة تاريخية أخرى ونقلة نوعية عملاقة نحو بناء دولة المستقبل التي تنسجم مع روح العصر الحافل بالتنافسية الحضارية والإنتاجية والتقنية في كل المجالات.
من هنا حق لنا في يومنا الوطني أن نفخر بوطننا الكبير وماضيه المشرف ومجده الأصيل، وأن نعتز بحاضره الجميل الحافل بكل معاني الحزم والعزم والتطور، إذ تتراءى أمام أعيننا معالم الدولة القوية الرائدة التي تحمل أمانة الأمة ونصرة قضاياها، وصد المؤامرات والأطماع عنها، هذا في الوقت الذي تمارس فيه دوراً حضارياً رائداً لاستشراف المستقبل والتخطيط له وفق التوقعات والمتغيرات والمستجدات في الميدان الاقتصادي الذي هو حجر الأساس في العلاقات الدولية وتبادل المصالح وتنافسية الإنتاج.
ولعل إطلالة عجلى على الروزنامة التنموية والفعاليات المحلية والدولية الموازية تكشف أمام أعيننا ضخامة الهدف ودقة التخطيط لمنظومة العمل في جهاز الدولة بمختلف قطاعاته التي تعمل بتكامل وتواصل وتفاعل فيما بينها لمسابقة الزمن وتحقيق الإنجازات في وقتها المناسب مع تطبيق أعلى معايير الجودة والإتقان والتوازن.
إذاً، فإن المستقبل - بإذن الله - واعد ومبشر بإنجازات كبيرة تشمل في محتواها كل المقومات التي تتطلبها جودة الحياة واستدامة التنمية.
هذا، بينما تأخذ العلاقات الدولية والتواصل مع حضارات العالم وثقافاته جانباً مهماً في سياسة القيادة الرشيدة، إذ تتبوأ المملكة مكانة دولية مرموقة بفضل منهجية الاعتدال والاتزان وقوة الاقتصاد، ويكفينا شاهداً على ذلك الاجتماع القادم لقمة الدول العشرين الذي ستستضيفه المملكة -إن شاء الله- باعتبارها أحد الأعضاء الرئيسين فيه.
من هنا حق لنا في اليوم الوطني أن نفخر بماضينا العريق ونسعد بحاضرنا المزدهر ونتطلع إلى مستقبلنا الواعد بالخير - بإذن الله.
ودم عزيزاً شامخاً وطني الحبيب..
** **
د. علي بن عبد الرحمن العنقري - وكيل وزارة الحرس الوطني