د. محمد عبدالله الخازم
احتفالنا باليوم الوطني يتكرر كل عام بمذاق مختلف.. نستعيد أمجاد التأسيس، نستنهض الهمم نحو المستقبل، نحتفي بحاضرنا.. ليس هناك احتكار لطريقة أو آلية للاحتفاء كتابيًّا باليوم الوطني.
طبعًا على المستوى المجتمعي هناك احتفالات عديدة تقام بهذه المناسبة، تتراوح ما بين الترفيه والبهجة من جانب، والتثقيف والنقاش من جانب آخر. سأحاول في عجالة طرح رؤوس أقلام، تناسب حجم المقال وطبيعة الاحتفاء بعام مضى، وطرح أمنية لاحتفالات اليوم الوطني، وتمنِّي مسارات للمستقبل..
منذ أن طُرحت رؤية 2030 وهناك تطورات لافتة في حياة المجتمع السعودي؛ إذ يمكن القول إن التطورات التي تحققت في الجانب الاجتماعي خلال فترة قصيرة فاقت التوقعات؛ حدث انفتاح كبير في الجانب الترفيهي والسياحي، انعكس على الحياة الاجتماعية؛ إذ يتجه المجتمع إلى فكرة مهمة لنمو المجتمع، ألا وهي فكرة عدم التدخل في شؤون الغير. جاءت فترة كان الضغط باتجاه فرض رؤية اجتماعية وثقافية واحدة على مكونات المجتمع كافة، ويجري محاولة تفكيك تلك الثقافة. الآن مَن أراد حضور حفلة فنية أو ممارسة نشاط سياحي أو ترفيهي له ذلك، ومن لديه تحفُّظ أو توجه محافظ آخر له الحق في ممارسته، لكن لا أحد وصي على الآخر، ولا أحد يتدخل في خيارات الآخرين.
المرأة -بلا شك- عنصر مهم في التغيير الاجتماعي، وهي الرابح الأكبر بمنحها حقوقًا كانت صعبة المنال، رغم أبجديتها، مثل قيادة السيارة والسفر بدون إذن الرجل ومشاهدة كرة القدم في الملعب وممارسة الرياضة، وغيرها من الحقوق التي كان مجرد الحديث عنها يصنف تجاوزًا، وقد يعاقَب قائله.
الجانب الاقتصادي -لست متعمقًا فيه ولكن من خلال طرح أهل الاختصاص والمهتمين- يتطور كذلك في جوانبه المتعلقة بتنويع مصادر الدخل، وإيجاد مصادر كانت مهملة الاستفادة منها، وغير ذلك من الجوانب التي نرجو أن تعود على مستقبل بلادنا بالخير والنماء.
وعن احتفالات اليوم الوطني نفرح بالحفلات العامة وابتهاج الشعب به، لكننا ربما نطمح فيه إلى احتفالات رسمية، يكرَّم من خلالها البارزون في القطاعات العسكرية والمدنية، الحكومية والأهلية، كل عام، في المجالات كافة. قد يكون فيها احتفال عسكري بقواتنا المسلحة والأمنية، وقد يكون فيها احتفال رياضي شبابي، احتفال فني... إلخ. الفكرة هي أن اليوم الوطني ليس مجرد تعداد للمنجزات والاحتفالات الشعبية باليوم، بل يمكن أن يكون له احتفالاته الرسمية التكريمية التي تبرز قوتنا ووحدتنا ورسالتنا وفلسفتنا كدولة متقدمة.
بقي أن أقول إنه إذا كانت رؤية 2030 تسير باطراد ملحوظ في الجانب الاقتصادي والاجتماعي فإنها ربما تحتاج إلى أن تسير بالوتيرة نفسها في مجال الإصلاح التنموي والإداري. كما هو لدينا رؤية اقتصادية في تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على مصدر واحد، فحتمًا سيصاحبها تطورات وأهداف إدارية وتنموية يفترض تحقيقها. بمعنى آخر: إن أي تغيير اقتصادي واجتماعي يقود إلى تغييرات تنظيمية وإدارية.. وأمنيتنا في هذا اليوم إبراز مختلف الأوجه والآراء، وطرح شروحات وتنظيرات فلسفية وفكرية أعمق لتأطير المنهج الاقتصادي والثقافي والسياسي والإداري الذي نسير عليه.
حفظ الله وطننا من كل شر.