محمد سليمان العنقري
مناسبة اليوم الوطني الـ89 تحمل معها تاريخًا طويلاً من البناء للإنسان والوطن، فالتنمية كانت دائمًا الهدف والعنوان البارز في كل خطط الدولة على مر العقود السابقة إلى أن أصبحت المملكة واحدة من أكبر عشرين اقتصادًا بالعالم، وانتشرت التنمية بكافة مناطقها وفي كل مرحلة زمنية تنتقل من مكان متقدم لأخر في مؤشر التنمية البشرية وتنعكس خططها برفع مستوى الصحة العامة وانتشار التعليم وتوسع في دور القطاعات الاقتصادية غير النفطية في الناتج المحلي.
فرغم المصاعب والتحديات الكبيرة خلال كل العقود الماضية نجحت المملكة بتحقيق أهداف كبيرة عديدة، فمتوسط عمر المواطن قبل خمسين عامًا لم يكن يتعدى الـ50 عامًا بينما يصل اليوم إلى 74 عامًا بفضل تطور وتحسن وانتشار الخدمات الصحية بكافة مناطق المملكة ومدنها وقراها، أما التعليم فالأمية التي كانت منتشرة بنسب كبيرة تتلاشى اليوم وتنحصر بتلك الأجيال الكبيرة بالسن بينما كل الأجيال منذ قرابة نصف قرن تنعدم فيها الأمية، فمنذ انطلاق أول خطة تنمية عام 1970م والتعليم يعد أهم القطاعات التي توليها الدولة الأهمية الكبرى في أهدافها التنموية، وحاليًا يبلغ عدد الطلاب والطالبات بمختلف المراحل أكثر من سبعة ملايين أي ثلث السكان وهو ما يعبر عن شباب المجتمع وحيويته فهم عماد التنمية ورأس المال والثروة الحقيقيون للمجتمع.
فالمملكة اليوم تمر بأهم مراحلها الزمنية منذ تأسيسها فهي تنتقل لتنفيذ رؤية 2030 كي تحقق أهدافًا جديدة تتناسب مع زمننا الحاضر والمستقبلي مما يرفع من كفاءة الاقتصاد وتقليص الاعتماد على النفط في الناتج المحلي وذلك بالتوسع بقطاعات اقتصادية جديدة أو محدودة الحجم بالاقتصاد كالتعدين والخدمات عمومًا وكذلك الصناعات التحويلية واللوجستيك مع جذب استثمارات ضخمة للاقتصاد واستثمار واسع للإمكانات الكبيرة التي لم تستثمر بالحجم الذي يتناسب معها، حيث يمكن لبعض القطاعات أن تصبح داعمًا لتنافسية الاقتصاد الوطني عالميًا، ولذلك فالمملكة انتقلت من مرحلة الخطط الخمسية لمرحلة جديدة تتحدد فيها أهداف لتنمية مستدامة وتتنوع فيها القطاعات الفاعلة بالاقتصاد وتستعد فيها لهذا القرن القائم على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتنافسية العالية وظهور قوى اقتصادية جديدة تنمو بسرعة كبيرة وتزاحم الدول العظمى على مكانتها وترتيبها العالمي.
مناسبة اليوم الوطني دافع للمجتمع وأبنائه نحو تحقيق أهداف تنموية واسعة، وتمثل أيضًا وقفة للنظر بتاريخ المملكة من أين بدأت بتنميتها وأين وصلت وكيف سبقت دولاً عديدة في محيطنا الجغرافي وذلك باستثمار وتسخير الإمكانات لبناء الإنسان الذي هو عماد نجاح الاقتصاد بالوصول لأفضل المراتب عالميًا.