د.عبدالعزيز العمر
سيبقى سوق العمل لدينا مشوهًا طالما كان هذا السوق فاقدًا للسياسات المهنية الحكيمة، وتعوزه القرارات الراشدة الحازمة التي تضبط وتوجه حركته في ضوء نتائج دراسات مهنية وبحوث علمية. منذ أن كنت طالبًا تربويًا في الجامعة وأنا أسمع عن عدم توافق مخرجات الجامعة مع متطلبات سوق العمل لدينا، وحتى هذا اليوم لا يزال الحديث عن هذا الموضوع الشائك متواصلاً، فقبل أيام فقط كان موضوع توافق مخرجات الجامعات مع متطلبات سوق العمل هو أحد محاور لقاء علمي عقده معالي وزير التعليم مع بعض القيادات التعليمية في المدينة المنورة. هنا أود أن أطرح السؤال التالي: هل العلة في الجامعات أم في سوق العمل أم في كليهما؟. دعوني الآن أطرح مزيدًا من الأسئلة: هل مهمة الجامعات أن تقدم لنا خريجًا بالمقاسات والمواصفات التي يحددها سوق العمل؟ وهل سوق العمل حاليًا هو موضع ثقة الجامعات؟ وهل الجامعات هي موضع ثقة سوق العمل؟ وهل يتوفر لدى سوق العمل إدارة موارد بشرية متميزة تستهدف تمهير العاملين فيه (اكساب الفرد مهارات) ليصبحوا متوافقين مع مستجدات وتحديات مهنهم؟ وهل على الجامعات أن تحدث وتطور برامجها وتخصصاتها لتتوافق مع متطلبات سوق العمل المتغيرة أصلاً. هناك بالمناسبة تخصصات جامعية خارجية عندما يصل طلابها إلى السنة الرابعة تكون مناهج السنة الأولى منتهية الصلاحية (obsolete)، في المقابل هناك من يرى أن مهمة الجامعة بالدرجة الأولى هي أن تقدم لسوق العمل خريجًا يتمتع بمواطنة حقيقية، ويمتلك مستوى عاليًا من مهارات التفكير العليا، وذو عقل منفتح، ولديه ميل نحو التجديد والإبداع والإتقان. أطرح هذه التساؤلات لعلها تسهم في حركة التجديد المباركة التي يقودها سمو ولي العهد بدعم وتوجيه من خادم الحرمين الشريفين.