د. أحمد الفراج
نختم اليوم قائمة أسوأ رؤساء أمريكا، حسب المؤرخين والاستطلاعات الشعبية، وكما ذكرت سلفًا، فإن معظم هؤلاء حكموا خلال فترة حرجة، ولم يملكوا الحكمة السياسية أو الشجاعة لمواجهة التحديات، وهي تحديات كبرى واجهت الجمهورية الأمريكية الوليدة، كان أبرزها موضوع الرق، الذي كان شائعًا في جنوب الاتحاد الأمريكي، ومحظورًا في شماله، وكان المأزق الكبير هو التناقض، بين قيم الحرية وحقوق الإِنسان، الذي انطوى عليه الدستور الأمريكي، وبين تشريع الرق، الذي يخالف أبسط المبادئ الإنسانية، ومن المعلوم أن الرئيس لينكولن واجه هذا الأمر بشجاعة فائقة، وبالتالي أصبح من أفضل ثلاثة رؤساء عبر التاريخ الأمريكي، وأصبح الآخرون أسوأ الرؤساء.
ضيفنا اليوم هو الرئيس زاكري تيلور، الذي انتخب رئيسًا في عام 1848، وحكم لمدة ستة عشر شهرًا فقط، ثم رحل بعد مرض عضال، وهو مثل الرئيس الحالي، دونالد ترمب، لم يتولى منصبًا سياسيًا قبل الرئاسة، إِذ كان أول رئيس أمريكي يتولى الرئاسة دون سابق خبرة سياسية، فقد كان عسكريًا محترفًا، انتصر في معارك كبرى، ونال شهرة وطنية بسبب ذلك، وهو ما أدى لفوزه بالرئاسة، أمام المرشح الديمقراطي، لويس كاس، ومرشح حزب سياسي ثالث، الرئيس السابق، مارتن بورين، ولكن ما أن تسنم المنصب، حتى غلب عليه طبعه العسكري، ولم يحسن إدارة الدولة، إِذ لم يتعامل مع الكونجرس كما ينبغي، فقد عزل نفسه عن الحراك الكبير، الذي كان يجري في المجالس التشريعية، وحتى يذكر بعض المؤرخين أنه لم يكن قريبًا من أركان إدارته، وزاد الأمر سوءًا أنه اختار جون كليتون لوزارة الخارجية، وكان شخصًا يفتقد للخبرة والمهارة الدبلوماسية، وبالتالي أخفق في تحقيق أي إنجاز يذكر، ولكن يحسب له موقفه السلبي نسبيًا من الرق، بالرغم من أنه سليل أسرة إقطاعية، تمتلك المزارع الشاسعة، المليئة بالرقيق، إِذ كان هو ذاته يملك الكثير من الأرقاء، والخلاصة، هي أن التميز في مجال، لا يعني التميز في مجال آخر، فالرئيس تيلور كان عسكريًا فذّا، ولكنه أخفق بالسياسة لحد كبير!.