رقية سليمان الهويريني
الوطن أكبر من أنشودة تتردد على لسان طفل أو أغنية تصدح في مسرح! هو كيان يحملك وتحمله.
وكثير من الشباب لا يدرك أهمية أن يكون لك مكان يشعرك بالملكية، حيث كل فرد يملك جزءًا من هذا الكيان. وضعف الإدراك يشير إلى (أمية انتماء) لوطننا، فليس شرطًا أن يضم وطنك أودية جارية وسهولاً خضراء لتحبَّه وتحرص على اسمه وتحافظ على ممتلكاته!
وقد يخفى على مواطنينا -صغارًا وكبارًا- أن المحافظة على أرواح الناس والتعاون معهم والتعايش بين أفراد المجتمع وإزالة الأذى من الطريق والتقيد بالقيم والمبادئ السامية هي ضرب من المواطنة الحقَّة، كما أنها تعني الغيرة على الوطن واتباع الأنظمة وعدم خرق القوانين بمساعدة المخربين من الخارج على تدمير أخلاقيات الناس وتقويض ولائهم، إما بتسهيل دخول الممنوعات والترويج لها بهدف مادي بحت أو التعاون مع منظمات خارجية تعبث بالفكر وتحرض على الحكومة لأغراض شخصية صرفة.
ولا يكفي أن نحافظ نحن على ممتلكات الوطن لأننا عايشنا بناءه، بل لا بد من نقل هذه المشاعر لأبنائنا، وتعميق شعور الانتماء للوطن، هذا النسيج الجميل الذي يُشَكِّلُنا، هذا الوطن الذي تنتهي حروفه بياء المِلْكِيَّة العامة (وطني).
تخيل أن تُصادر منك جنسية بلدك إجباريًا لإساءتك له! فتهيم في بلد آخر بلا هوية، ذليلاً خائفًا من خطأ أو تجاوز لقانون! بينما في وطنك حين تُخطئ تجد الإصلاح والتهذيب والاحتواء لتعود مواطنًا صالحًا.
أن تحافظ على وطنك داخليًا يعني ألا تتجاوز القانون حتى ولو أُتيحَ لك ذلك. أما خارجيًا فلا تعمد لتلويث اسمه وسمعته، وتستشعر قدسية بلدك العظيم فلا تسيئ له بالتعاون مع منظمات مشبوهة أو ترضخ لأفكار منحرفة.
سعيد من يولد في بلده ويموتَ أيضًا فيه! ومسكين من يهجّر عن وطنه قسرًا! أو يخرج مغاضبًا فلا يجرؤ أن يعود له لسوء فعله! إني لأرجو أن يأتي اليوم الذي يتاح لشبابنا الضالين عن المواطنة الأوبة إلى بلدهم والإقرار بأخطائهم والعودة عن زيغهم ليشاركونا فيه البناء ويحتفلوا معنا بيومنا الوطني المجيد.
كل عام ووطني بخير وأمن، يزهو برخاء، ونباهي به ونفخر بإنجازاته.