القاهرة - حوار - سجى عبدالله:
على هامش أعمال المؤتمر الدولي الثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الذي تنظمه وزارة الأوقاف المصرية بالقاهرة برعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، التقت (الجزيرة) بمعالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، للحديث عن جهود وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في نقل رسالة المملكة الوسطية، والتعرف على أبرز مشاريع الوزارة المستقبلية، وكيفية مواجهة موجات التعصب التي تظهر من فترة لأخرى، والحديث عن مؤتمر مكة الدولي وما يمثله من قيم الوسطية والاعتدال، ودور المرأة في مجال الدعوة وموضوعات أخرى.. فإلى نص الحوار:
* معالي الوزير حدثنا عن جهود وزارة الشؤون الإسلامية في نقل رسالة المملكة الوسطية إلى العالم والتعريف بمنهجها القائم على التعاليم الإسلامية السمحة؟
- من منطلق المسؤولية وتنفيذاً لتوجيهات مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح والإمام العادل وسمو سيدي ولي عهده -حفظهما الله- فقد عملت مع زملائي في الوزارة على محاربة الانحراف الفكري وبيان مخاطر الغلو وبيان مجافاته لمقاصد الشريعة ونصوص الكتاب والسنة وعملنا على ترسيخ منهج السلف الصالح وهو وسطية الإسلام، وأن هذا الدين العظيم صالح لكل زمان ومكان وأنه دين رحمة للعالمين جميعاً لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} سورة الأنبياء (107) والمتأمل لهذا اللفظ القرآني يدرك أن الإسلام جاء للعالمين وليس للمسلمين فقط. ومن هنا جندنا أنفسنا لخدمة الدين الوسطي المتصف بالرحمة والاعتدال. فأقمنا عدة ندوات ومؤتمرات وشاركنا في المحافل الدولية وتبادلنا الزيارات مع المسؤولين والعلماء والدعاة والخطباء في الخارج وأرسلنا أئمة ليؤموا المصلين في كثير من أنحاء العالم وكل هذا لبيان ونقل رسالة المملكة الوسطية إلى العالم والتعريف بمنهجها القائم على التعاليم الإسلامية السمحة. وبهذا الصدد نقول إن الحرب على الغلاة وأصحاب الفكر الضال والجماعات المنحرفة والأخذ بالوسطية في جميع أقوالنا وأعمالنا وسلوكنا وتصرفاتنا واجب ومنهج يجب أن ننشره بين الجميع وأن يساهم الجميع في ترسيخه.
وكما أود الإشارة إلى عناية الوزارة بالحوار انطلاقا من قوله تعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً} سورة البقرة (83)، وأن ذلك ليس للمسلمين فقط بل للناس كلهم باختلاف دينهم وثقافتهم، وتعزيز الحوار على مستوى التعامل مع دعاتها في الداخل والخارج من خلال برامجها ومناشطها، وعضويتها في مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار ين أتباع الديانات الثقافات.
* يواجه العالم الإسلامي موجات من التعصب تظهر من فترة لأخرى بدءًا بالقاعدة ومروراً بداعش والإخوان المسلمين فإلى ماذا يمكن أن نعزو ذلك وكيف يرى معاليكم مواجهة مثل هذه الحركات وحماية المجتمعات الإسلامية منها؟
- نعزو ذلك لعدة أسباب ويجب أن نعرف في البداية أنه ليس كل من أراد رضا الله -جل وعلا- يحصل عليه فكثير ممن أرادوا الطاعة الكاملة جهلوا بوسطية الشريعة التي لا إفراط فيها ولا تفريط، نتيجة لعدم الفهم الصحيح للقرآن الكريم وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ويؤخذ هذا من وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم- للخوارج وهو وصف عام لكل أهل البدع حيث قال: (يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم) يعني أنه لا يجاوز كونهم يتلفظون به فإذاً هو لا يدخل القلوب على وجهه الصحيح، ولو دخل القلوب فإنما يدخل على فهمهم الذي أخطأوا فيه وضلوا به، لأن القرآن إذا دخل القلب على حقيقته فإنه يهدي مصداقاً لقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} سورة الإسراء (9). والخوارج يأبون الأخذ بفهم الصحابة للقرآن الكريم بل أخذوا بما يعن للذهن والفهم من غير تأهيل واستيعاب لمعاني القرآن ولا يسألون أهل العلم بما أشكل عليهم وهو ما يقود إلى الضلال والانحراف. ومن الأسباب أيضاً وجود المتشابه في الكتاب والسنة قال تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا...} سورة آل عمران (7) المحكم هو البين الواضح، والمتشابه يشتبه معناه إلا على الراسخين في العلم فيردون المتشابه إلى المحكم فيتبين المعنى. أما أهل الزيغ فيتبعون المتشابه ليخرج لهم الحجج. وليس لهم حجة في ذلك فالأصل أن تأتي القرآن الكريم وليس في قلبك اعتقاد إلا ما دل عليه القرآن، أما أن يأتي بشيء في قلبه ثم يبحث في المتشابه من القرآن ليجد له حجة فإنه قد يجد الحجة في القرآن ولكن بحسب فهمه وليس ما أراده الشارع سبحانه وتعالى. وكذلك المتشابه من السنة فهناك أحاديث لا تعرف معناها بمفردها، ولو أخذناها كذلك لوقعنا في أمر منكر. أما مواجهة ذلك كله يكون برد الناس إلى أهل العلم لأنه من القواعد المقررة أنه لا يجوز أن يخلو زمان من قائم لله بالحجة لأن عكس ذلك يعني اندثار الدين وهذا ليس في الإمكان. وولاة الأمر -حفظهم الله- قاموا بواجبهم في هذا الصدد والواجباليوم يقع على عاتق أهل العلم وحملته وطلبته وأن يقوموا بواجبهم وأن يقوم خطباء المساجد والأئمة والدعاة بواجبهم وكذلك المعلمون والأساتذة.
ومما يجدر الإشادة به الجهود التي تقوم بها الدولة -وفقها الله- ممثلة في الأجهزة الأمنية ضد تلك الفرق الضالة والإرهابية والتضحيات الكبيرة التي قدمها ويقدمها رجال الأمن البواسل في هذا الميدان كما لا يفوتني الإشادة ببرامج مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، وكذلك المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) ومن ضمن ما تقوم به الدولة -وفقها الله- في هذا الجانب تصنف من الحركات والأحزاب كمنظمات إرهابية كجماعة الإخوان وداعش والقاعدة.
* هل ترون أن مؤتمر مكة الدولي حول قيم الوسطية والاعتدال سيكون بداية لمشروع إسلامي عالمي يظهر تعاليم الإسلام الحقيقية ومدى التسامح والاعتدال في تلك التعاليم؟
- اجتمع شرف الزمان والمكان في مؤتمر (وثيقة مكة المكرمة)، وقال مولاي خادم الحرمين الشريفين فيه أن المملكة أدانت كل أشكال التطرف والإرهاب وواجهتها بالفكر والعزم والحسم وأكدت براءة الإسلام منها، وطالبت بأن تسود قيم العدل المجتمعات الإنسانية كافة، وأخذت على عاتقها العمل على نشر السلام والتعايش بين الجميع وأنشأت لذلك المراكز والمنصات الفكرية العالمية. ومما لا شك فيه أن هذا الجهد المبذول من المملكة العربية السعودية لنشر قيم الوسطية والاعتدال سيبقى وسيستمر -بإذن الله تعالى- لأن هذا واجبنا، ولأن هذا المنهج هو المنهج الحق الذي ارتضاه لنا ديننا الحنيف والمملكة مهبط الوحي حاضنة الحرمين الشريفين ومحط أفئدة المسلمين ويقع على عاتقها بيان ذلك للعالم أجمع.
* تقوم وزارة الشؤون الإسلامية بجهود مشكورة في مواجهة التطرف والانحراف الفكري فهل يمكن لمعاليكم تسليط الضوء على هذه الجهود المباركة؟
- انطلاقاً من مقولة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح والإمام العادل سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيّده الله-: رسالتنا للجميع أنّه لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالاً، ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه، ولا مكان لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال واستغلال يسر الدين لتحقيق أهدافه، وسنحاسب كل من يتجاوز ذلك، فنحن -إن شاء الله- حماة الدين وقد شرفنا الله بخدمة الإسلام والمسلمين، ونسأله سبحانه السداد والتوفيق، ومقولة سمو سيدي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله-: أكبر خطر عمله الإرهاب المتطرف هو تشويه سمعة ديننا الحنيف وتشويه عقيدتنا، لذلك لن نسمح بما قاموا به من تشويه لهذه العقيدة السمحاء، فإننا لن نسمح لمثيري الفتن ومن يبثون الفكر المتطرف والغلو والتغرير بالناس بالصعود للمنابر أو ممارسة الدعوة بأي شكل من أشكالها، رغم قلة عددهم فقد قمنا بإبعاد من كان منهم على تلك الشاكلة، فالإسلام دين وسطي يرتكز على السماحة والعدل والسلام في كل جوانب الحياة.
والوزارة ممثلة بالإدارة العامة للتوعية العلمية والفكرية تسعى إلى تعزيز مفهوم مصطلح الأمن الفكري من خلال: طمأنينة الفرد والمجتمع وإلى أنّ منظومته الفكرية والثقافية والخُلقية ومبادئه وقيمه ليست موضع تهديد من أي فكر أو معتقد منحرف أو متطرف، حيث ترسم الوزارة منهجاً واضحاً، وعملاً مؤسسياً وإسهامًا مؤثرًا تؤدي فيه جُزءًا من واجبها ورسالتها الشرعية والوطنية التي تضطلع بها في سبيل تعزيز الولاء لدين الله ثم للوطن، ولولاة الأمر، وتعميق قيم المواطنة الصالحة في تكامل وترابط وثيق بين الجهات ذات العلاقة وأفراد المجتمع وأطيافه كافة لمواجهة أفكار التطرف والغلو والإرهاب، ومنظريه وجماعاته وأدلجتهم الفكرية، ونذكر بعضاً من تجارب الوزارة في مكافحة التطرف على سبيل المثال لا الحصر أصدرنا قراراً بإعادة ارتباط الإدارة العامة للتوعية العلمية والفكرية بمكتبنا، كما وجهنا بإنشاء وحدات إدارية لإدارة التوعية العلمية والفكرية بجميع فروع الوزارة، وإدراج عضوية إدارة التوعية العلمية والفكرية ضمن لجنة المناشط الدعوية والخطابة ولجنة الإيفاد لاختيار الأشخاص المناسبين لتولي إلقاء البرامج الدعوية أو لتمثيل الوزارة في المراكز الإسلامية ممن يحملون التوجه السليم والحس الوطني، وتفعيل أهداف إدارة التوعية العلمية والفكرية، والتي من أهمها العمل على تعزيز مفهوم الوسطية في الدين الإسلامي الحنيف الذي تنتهجه الدولة -حفظها الله-, وعلى تجديد الخطاب العلمي والدعوي والفكري وتطويره بما يُحقق المصالح ويواكب المتغيرات ويساهم في مواجهة التيارات الفكرية المنحرفة التي تنتهج الغلو والعنف في نهجها، ومتابعة الساحات الدعوية من أجل رصد الظواهر السلبية والانحرافات العلمية والفكرية ووضع الخطط لتصحيحها والمساهمة في دراسة الملاحظات على أعمال الدعاة والخطباء وأئمة المساجد ذات التوجه المخالف، ومن نماذج الوقاية والحماية من التطرف قمنا بتدشين مركز الاتصال الموحد لتقديم الخدمات التي تقيمها الوزارة لشرائح المجتمع كافة، ومنها رصد الملاحظات الفكرية على أي منشط دعوي أو تجاوز للطرح ولكل مواطن أو مقيم أن يُبلّغ الوزارة وتعمل على معالجتها، كذلك مواكبة المستجدات بتوجيه الخطباء والدعاة بشكل فوري متى أتى ما يدعو لتناول الموضوعات المتعلقة بتعزيز الوسطية وتحقيق الأمن الفكري ومحاربة الغلو والإرهاب, ومن ذلك إصدار تعاميم على جميع فروع الوزارة لتكليف خطبء المنابر بالحديث عن أحداث وقعت، واعتمادنا مبادرات وهي مكمّلة لبعضها منها مبادرة المنطلقات والأبعاد الشرعية لجهود المملكة العربية السعودية في نصرة قضايا الأمة التي من عناصرها معالجة آثار الإرهاب وزعزعة الأمن على بلاد المسلمين وكذلك مبادرة تعزيز الوسطية وتحقيق الأمن الفكري ومكافحة الغلو والتطرف، ومبادرة برنامج تحصين الفكر بالتنسيق مع وزارة التعليم بمختلف إداراتها بمدن المملكة لتحصين فئة الشباب من الأيادي المغرضة التي قد تستهدفهم, وتقديم أطروحات وندوات تُعنى ببرنامج تعزيز الشخصية الوطنية، وإنفاذاً في التوجيه الكريم المتعلق بمواجهة الدعاية الموجهة للشباب السعودي من قبل الجهات المتطرفة، وذلك بقيام الفروع بالتنسيق مع هيئة أعضاء كبار العلماء وأئمة الحرمين الشريفين وتكليف الخطباء بتخصيص خطبة في موضوع الوسطية ومواجهة التطرف ومتابعة التنفيذ من قبلهم، والعناية بندوات الجامع الكبير للتطرق إلى عدد من الموضوعات ذات العلاقة, ودراسة وضع المكاتب التعاونية وأنها محققة لأهدافها النظامية وسليمة من الاستغلال من الأنشطة المشبوهة، كما تم توجيه الخطباء والدعاة بتخصيص خطبة كل شهرين على الأقل تتناول موضوعات تأصيل العقيدة الصحيحة ومحاربة الفكر المتطرف، والدعوة إلى الوسطية والاعتدال، وبيان خلل الجماعات المنحرفة والضالة، وما يسعى إليه القائمون عليها من إضلال أبناء المسلمين، والزج بهم إلى الخروج عن جماعة المسلمين، ولبوس فكر الخوارج وما يماثله من التنظيمات والجماعات الإرهابية كجماعة الإخوان. كما قمنا بتفعيل دور وحدة الرصد الإلكتروني لمتابعة النتاج العلمي والفكري للدعاة والخطباء ورصد ما قد يقع من تجاوز أو خلل فكري أو قصور في ميادين الدعوة أو في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام لاتخاذ اللازم نظاماً حيال ذلك ومن وجدت عليه ملاحظة فكرية وتطرف فيما يطرحه فتقوم الوزارة، وفق اختصاصاتها المناطة بها باستبعاده وعدم تمكينه من الإمامة والخطابة ومن المناشط الدعوية، وعدم تمثل الوزارة في محفل داخل أو خارج المملكة. كما اعتمادنا إقامة أنشطة دعوية لمحاربة الأفكار والشبه الضالة واعتماد مجموعة من المطبوعات تُعنى بتعزيز الأمن الفكري ومكافحة التطرف ما بين كتب لها عناية ببيان المنهج المعتدل والتصور الصحيح وكذلك مواد لها عناية بمفهوم المواطنة وحقوق ولي الأمر، إضافةً إلى فتاوى مهمة لكبار علماء المملكة العربية السعوية تتضمن التحذير من خطورة التكفير وحرمة الإفساد في الأرض وبيان حقيقة الجهاد وضوابطه كما أنه تم العرض بمجموعة جديدة لمؤلفات لم يتم طباعتها من قبل وتم التوجيه بإحالتها إلى اللجنة العلمية على أن يُختار ما له عناية بمناقشة شُبه الُغلاة وما يقرر عقيدة السلف الصالح والاستفادة من الفعاليات الوطنية والمعارض المقامة على مستوى المملكة مثل مناسبة اليوم الوطني ومهرجان الجنادرية لتعزيز اللحمة الوطنية، وذلك بالمساهمة في نشر مواد إعلامية وصوتية لقادة هذه البلاد وعنايتهم في نشر العقيدة الصحيحة وعنايتهم بمقدسات المسلمين ونبذهم للتطرف والغلو والإرهاب.
ومن معالجتنا للفكر المتطرف أن من قدم لنا رؤية أو طرح فكرة يمكن الاستفادة منها فيما هو من صميم عمل الوزارة وله عناية في معالجة التطرف فإننا نسعد بها ونشكره ونعمل على دراستها والاستفادة منها. والتنسيق متواصل ومستمر بين الوزارة وبين الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة لتبادل المعلومات والخبرات والمشاركة في البرامج التي تنفذ لعلاج ومكافحة الأفكار المنحرفة، فضلاً عن اللجان الدائمة والمؤقتة التي كونت لمعالجة الانحرافات الفكرية والغلو وأسبابه، ومن أبرز تلك الجهود والبرامج منها التواصل المستمر والفعال مع القطاعات الأمنية والعسكرية من خلال إقامة عدد من البرامج والنشاطات الدعوية التي تعني بتعزيز الوسطية والحماية من الأفكار الضالة والمنحرفة والمشاركة في عدد من المؤتمرات والندوات التي تقام في هذا المجال من قبل المؤسسات والجامعات وغيرها، وذلك في المساهمة في اختيار المتميزين والعناية بالعناوين وبيان الصورة الصحيحة للزائر الدولي وللوفود التي تقدم إلى المملكة بأن المملكة دأبت على نشر الوسطية والاعتدال والتسامح وتنبذ التطرف ومتابعة الدعاة في الخارج ممن تكفلهم الوزارة، ومن رصد عليه تجاوزات فكرية، فيتم الاستغناء عنه وإنهاء كفالته.
* هل يمكن التعرف على أبرز المشاريع المستقبلية لوزارة الشؤون الإسلامية خصوصاً في ما يتعلق منها في مجال الأمن الفكري وما هي الخطط المتبعة في ذلك؟
- تعمل الوزارة وفروعها على البدء بتنفيذ الخطط لتعزيز الأمن الفكري منها تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية في فروع الوزارة كافة، وتستهدف الدعاة والمكاتب التعاونية وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، وتصميم وإعداد المقاطع القصيرة والمركّزة بطريقة تحقق أهداف الوزارة في الأمن الفكري وتخاطب تطلعات المواطنين وآمالهم، واستحداث منصة إلكترونية للحوار والنقاشات الفكرية والرد على الشبهات المطروحة بالإضافة إلى تكثيف الدورات التدريبية المنظمة للخطباء والأئمة وإنشاء لجنة فكرية لإعداد محتوى هذه الدورات وتحكيمها من قبل مختصين لتناسب تطلعات الوزارة في هذا المجال، وتعزيز آفاق التواصل والشراكات مع مختلف مؤسسات المجتمع التعليمية، فهي المنطلق في توعية الناس، كما عملت الوزارة على فتح قناة تواصل تستهدف علاج ضحايا الفكر المتطرف من خلال الحوار والنقاش العلمي الرصين وعقد مؤتمر دولي في الأمن الفكري برعاية خادم الحرمين الشريفين، وإنشاء أكاديمية للتعليم المفتوح تعنى بمساقات الأمن الفكري بطريقة متخصصة وشهادات معتمدة. وإنشاء مركز تدريبي مختص في الأمن الفكري ومزود بوسائل التقنية الحديثة مع التأصيل العلمي والوزارة مستمرة في توعية المجتمع بكل الوسائل المتاحة حماية للبلاد والعباد.
* تعتبر خطبة الجمعة من أهم وسائل الدعوة والإرشاد فهل يمكن أن تكون أحد العوامل الرئيسية في نشر ثقافة التلاحم الوطني والتسامح؟
- خطبة الجمعة لا يخف تأثيرها على أحد، ويمكن قبل الإجابة عن السؤال الإشارة إلى أمر وهو أن التلقي عن المنبر (خطبة الجمعة) من الأمور التي أوجبها الشارع الحكيم على من تحقق الشرط الشرعي به، ويستوي في ذلك أفراد المجتمع، فيتلقى عن المنبر الكبير والصغير، والرجل والمرأة، والمتعلم وغيره، والمسؤول وغيره، وإذا علمتِ ذلك، تبين لكي الدور المهم والمحوري لخطبة الجمعة أما ما يتعلق بالسؤال فمن خلال ما سبق لا شك أن (خطبة الجمعة) أداة فاعلة في نقل المفاهيم وخلق ثقافة والتي منها مفاهيم التلاحم الوطني، واسمحي لي أن هذا المفهوم مستقر في نفس الإنسان السعودي، وخطباء جوامعنا، ولله الحمد ساهموا في تعزيز ذلك، والوزارة أولت هذه القضية أولوية قصوى من خلال خطبة الجمعة عبر العديد من الموضوعات المعززة لهذا الجانب، والتي جرى التعميم بها على خطباء جوامعنا. وما يتعلق بالتسامح وأضيف إليه التعايش فهذه المفاهيم تحرص الوزارة على التأكيد عليها من خلال خطبة الجمعة عبر العديد من الموضوعات، وأستطيع القول إن خطبة الجمعة ليست أحد العوامل الرئيسية بل من أهم العوامل في نشر ثقافة التلاحم الوطني والتسامح بكل صوره.
* نود معرفة الجهود التي بذلتها الوزارة في مجال اختيار الأئمة والخطباء وهل وجدتم من لديه أفكار تتعارض مع سياسات المملكة ومنهجها الوسطي؟
- ما يتعلق بالجهود في مجال اختيار الأئمة والخطباء في مجال العمل النظامي فالوزارة أعدت مشروع نظام جديد يتعلق بالأئمة والمؤذنين والخطباء روعي فيه جميع الملاحظات والمتطلبات، وفي مجال الإجراءات فالوزارة وعموم أفرعها في مناطق المملكة يحرصون على عدم اختيار منسوب المسجد من إمام وخطيب ومؤذن إلا بعد تحقق الشروط واجتياز المقابلة الشخصية والتحقق من وسطية الفكر وعدم جنوحه وفي مجال التدريب فالوزارة تعقد دورات وملتقيات متخصصة للأئمة والخطباء تهدف إلى تعزيز الخطاب الوسطي والمعتدل وإكساب الخطباء بعض المهارات التي تساهم في رفع مستوى التأثير.
* مع رؤية (2030) هل ترى أن الرؤية استطاعت أن تُعبد طريقاً جديداً تحضُر فيه المرأة في مجال الدعوة وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال؟
- رؤية المملكة 2030 جاءت لتواكب مرحلة جديدة من صياغة المقدرات للدولة لمرحلة ما بعد النفط، وهي أول خطة وطنية على مستوى الدولة منذ قيامها على يد المؤسس الملك الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، ويشترك في تنفيذها القطاعات العاملة في الدولة كافة ولأول مرة وهي القطاع الحكومي والقطاع الخاص والقطاع غير الربحي، ويرتبط عمل المرأة مثل الرجل ارتباطاً وثيقاً بفرص التنمية وزيادة رخاء المواطن وتوفير سبل الحياة السعيدة لهم فهي نالت مكانتها العلمية والعملية والاقتصادية وغيرها واحتلت مكانة رائدة في مختلف قطاعات العمل المختلفة مثل التربية والتعليم والصحة والإعلام والثقافة والاقتصاد وقطاعات المال والاستثمار ومؤسسات تقديم الرعاية الاجتماعية والخدمات المختلفة كما لم تغفل رؤية المملكة 2030 تمكين المرأة في ظل التغيرات الاجتماعية والنقلات الحضارية المتلاحقة التي يعيشها مجتمعنا من خلال متطلبات سوق العمل المتطور ودعم مجالاته التعليمية الحديثة لمواكبة التطور التكنولوجي المتسارع، ولهذا فإن المرأة في المملكة قادمة بدور تنموي ومحوري في رؤية 2030 حيث وضعتها في المقدمة، وأكدت على مشاركتها الكاملة في سوق العمل وتحدياته المستقبلية لترتفع مشاركتها في قوة العمل إلى 30 % بحلول 2030 وفقاً لما ذكرته الرؤية، ومما لا شك فيه أن رؤية المملكة 2030 قد ساهمت وسرعت في وتيرة عمل المرأة في مجالات جديدة، كانت إلى وقت قريب تمثل نسبة قليلة فيها مثل مجالات الدعوة والمساجد، حيث أنشأت الوزارة -مؤخراً- في هيكلها التنظيمي (إدارة عامة نسائية) لأول مرة وتعكف على صياغة خطة طموحة لتوظيف المرأة في مجالات لها علاقة مباشرة بأعمال الوزارة مثل الأنشطة الدعوية وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم والمساجد النسائية وغيرها الكثير من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وترسيخ القيم الإسلامية السمحة التي جاء بها ديننا الإسلامي الحنيف وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال والتسامح.