د عبدالله بن أحمد الفيفي
سَقَتْنِيْ سَماواتُ الهَوَى صَلَوَاتِها
فشَرِبْتُ نِيْرَانَ النَّوَى بِفُرَاتِها
مَهَاةٌ تَجُوْسُ الفَرْقَدَيْنِ بِطَرْفِها
لِتَسُوْمَ مِنْ أَذْكَى الوُجُوْهِ سِماتِها
وإِمَّا سَقَتْنِيْ الشَّمْسَ صِرْفًا بِكَفِّها
والشَّمْسُ، كُلُّ الشَّمْسِ، كَفُّ هِبَاتِها
فلَوْ أَنَّنِيْ هُنِّئْتُ بِالعُمْرِ سَرْمَدًا
ما هُنِّئَتْ عَيْنِيْ كَعَيْنِ مَهَاتِها!
* * *
مَهَاةٌ تَرَى المَوْمَاةَ في نَهْرِ خَدِّها
يا عَاشِقَ المَوْمَاةِ مِنْ وَجَنَاتِها
وتَفْتَرُّ عَنْ أَضْحَى (دِيُوْجِيْنَ) في الدُّجَى
فاحْمِلْ نَهارَكَ مِنْ صَبَاحِ لِثَاتِها
عَرُوْبٌ وأَعْرَابِيَّةٌ، شَدْوُ ثَغْرِها
نَفْحُ الخُزَامَى، والأَقَاحُ كَذَاتِها
فشَافَهْتُ فِيْها (وَائِلًا) و(كِنَانَةً)
والأَصْلُ وابْنُ الأَصْلِ بَعْضُ رُوَاتِها!
* * *
تَقُوْلُ، إِذَا ما جِئْتُ، والعِشْقُ بَارِقِي:
اعْرِفْ خُيُوْلَكَ مِنْ صَهِيْلِ شِيَاتِها
فسَلَّمْتُ تَسْلِيْمَ النَّسِيْمِ بِرَوْضَةٍ
والرَّوْضُ لا تَرْضَى بِغَيْرِ نَبَاتِها
حَبِيْبَةَ شِعْرِيْ، أَيْنَ شَاخَتْ قَصَائِدِي؟
أَيْنَ المَوَاعِيْدُ الْ ثَوَتْ بِرُفَاتِها؟
أَمَا الحُبُّ إِلَّا حَاجَةٌ ثُمَّ تَنْقَضِي؟
الحُبُّ دُنْيَا.. ما قَضَتْ حَاجَاتِها!
* * *
وأَمْطَرَنِيْ فِيْها الحَنِيْنُ، وأَعْشَبَتْ
في عَيْنِيَ الآيَاتُ مِنْ آيَاتِها
أَ نَوَّارَةَ الحَقْلِ المُعَلَّى سِوَارُهُ
كَمْ ذا جَنَّى الجَانِيْ على جَنَّاتِها!
وأَنَّى ارْتِجَالَاتِيْ الطُّفُوْلَةَ دُوْنَما
مَنْ دَوَّنَتْ شِعْرِيْ بِجَمْرِ دَوَاتِها؟
إِذَا اعْتَنَقَ (البَحْرَانِ) فِيْكِ قَصِيْدَةً
مُرِجَا عُطُوْرًا ثُرْتِ مِنْ أَبْيَاتِها!
... ... ...
(1) في هذا النصِّ تجربةٌ عَروضيَّة جديدة، تجمع البحر الطويل والبحر الكامل؛ فالشطر الأوَّل رباعيُّ التفعيلات من الطويل والشطر الآخر ثلاثيُّها من الكامل. مع أن البحرَين من دائرتَين مختلفتَين: دائرة المختلف ودائرة المؤتلف. لطالما راودني الجمع بين هذين البحَرين، حتى جمعَ لي بينهما هذا النصُّ. ذلك أنك تلحظ أن الفارق بينهما لا يعدو حرفًا واحدًا؛ فلو استعملنا عبارة «وللشمس»- في البيت الثالث، مثلًا- لصار الشطر من الطويل، وبدون اللَّام هو من الكامل! فهل يمكن القول: إننا هنا إزاء (البحر الطويل الكامل)؟