سمر المقرن
صورة الملك عبدالعزيز رحمه الله تتجسد دائماً أمام ناظري في يوم الوطن، في يوم تأسيس هذا الكيان العظيم الذي يحتل كلّ هذه المكانة العربية والعالمية، كيان أكبر من كل شيء هو المملكة العربية السعودية، صورة الملك عبدالعزيز رحمه الله لا بد أن تظهر في كل صورة نعيشها وهو ينفخ في روح كيان عظيم ليولد ويكبر وينمو أرضا تمتد فيها جذوري، شريان تسير فيه دمائي، ورئة منها أتنفس.
الوطن من الأشياء التي يصعب التعبير عن محبتها، لأن هذا الحب الكبير صعب التعبير عنه، وتقف اللغة عاجزة والكلمات أقل من المشاعر. هو حكاية ممتدة مع العمر، وجوه وأمكنة وشوارع في الطفولة. ونجاح وإنجازات ومستقبل يكبر وينمو ويستمر. هو تلك الأمكنة التي تسكن ذاكرتي عندما تروي لي أمي تروي لي تفاصيل طفولتها وصباها، هو قصص كانت تزرع ملامحها الأمكنة في مخيلتي الصغيرة وتعزز مفهوم المواطن السعودي بشكل دائم. ثم يكبر في تلك الطفلة التي كانت تشدو وهي بالصف الثالث الابتدائي في يوم حفل الأمهات: (روحي وما ملكت يداي فداه.. وطني الحبيب وهل أحب سواه) وجه أمي وأنا أقود الفريق وأغني في الحفل ما زال بين عيناي وهي تمسح دموعها، كنت أغني بعمق وتأثر وكانت الفتيات الأخريات يرددن ورائي النشيد ويرفعن العلم السعودي.
في ذلك الوقت، كان أهم مكان بالنسبة لي وهو له رمزية وطنية خاصة عندي هو حي الملز، الذي ولدت فيه وعشت فيه سنوات طفولتي الأولى. كان هذا الحي يتزين بجبل (أبو مخروق) الذي كان يعتبر أحد أهم الأماكن التي نقضي فيها إجازة نهاية الأسبوع حيث ألعب هناك وأمارس كل أنشطتي الطفولية، كانت تأخذنا والدتي إلى هناك وتجتمع مع صديقاتها وجاراتها ونقضي أجمل أوقات اللهو البريء. وهذا المنتزه لم يكن للتسلية والترويح فقط بل كان يحمل قيمة تاريخية عظيمة حيث كان المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله يذهب إليه لمتابعة سباقات الخيل.
من حي الملز إلى حي المربع الذي تعيش فيه جدتي لأبي، وإلى حي السليمانية الذي تعيش فيه جدتي لأمي -رحمهما الله- كانت خطواتي الصغيرة تعبث على أرصفة تلك الأحياء، كانت الحياة الاجتماعية مختلفة والترابط الأسري أقوى بكثير مما نعيشه اليوم.. هذه الأحياء الثلاثة مع ما تبقى من ملامحها التي تغيرت كثيراً عن ملامحها الأولى القاطنة في ذاكرتي، ما زلت إلى اليوم أشعر بالحنين لها ولأيامها وناسها، وما زلت عندما أعبر منها اليوم تسيل دموعي على تلك الذكريات الجميلة، ما زالت تُمثل لي (وطن) ففيها نبض قلبي أولى نبضاته بحب الوطن.
اليوم كل شيء يتغير، إلا الأصالة والتراث والمؤسسات التي تُعنى بذكرياتنا لتبقى أجمل من كل شيء. اليوم وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- يزرعان معاني جديدة في تعزيز هذه المحبة، بطريقة عملية وسريعة للقفز حيث الإنجازات، فقد غرسا في حياة كل مواطن شجرة مثمرة هي رؤية المملكة 2030.
وتتزايد الأرقام كاحتلال السعودية المركز السابع من بين الدول العشر الأكثر جذبا للعيش فيها عالميا طبقا لإحصاء أجرته مؤسسة غالوب العالمية ليصبح الاقتصاد السعودي ملجأً آمنا للاستثمارات العالمية، وجذبت أكثر من 37 مليار دولار استثمار أجنبي 2013 حتى نهاية 2018 طبقا لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) كما احتلت 3 جامعات سعودية المراتب الأولى عربيا بحسب تصنيف شانغاهاي الدولي لجامعات العالم، ودخلت جامعة الملك عبد العزيز ضمن قائمة أفضل 150 جامعة على مستوى العالم. ناهيك عن إنجازات أخرى لا تعد ولا تحصى مثل مشروع نيوم وإنشاء الهيئة العامة للترفيه ومنح التراخيص لدور السينما وخطط المملكة الإصلاحية لتمكين المرأة. وما زالت الإنجازات تتوالى لنفرح بها كل عام ونتغنى بها عند كل العالم.. كل عام ووطني هو الخير، كل عام وأنتم بخير.