سهوب بغدادي
فيما تُعرّف الثقافة بـ«مجموع المعارف المكتسبة التي تسمح بتنمية الذوق وحاسة النقد وقدرة الحكم على الناس والأمور والأشياء» تبرز لنا أهمية تعزيز الروح الثقافية على جميع المستويات والأصعدة والفئات العمرية. من هنا أقترح خلق جيل أكثر ثقافة واعتزازًا بحضارته المتنوعة عن طريق «مبادرة الحافلة الثقافية»، تكون بتخصيص عدد من الحافلات المليئة بالكتب المتنوعة في الأحياء والشوارع الملائمة والمرافق العامة؛ لتكون القراءة والمعرفة والثقافة متاحة للجميع، وفي العديد من الأماكن والأوقات.
لنتخيل معًا الخطة التنفيذية لهذه المبادرة كالآتي: «حضرت الحافلات الثقافية هذا الأسبوع في كل من مدينة الرياض بحي البجيري، فيما حضرت حافلة أخرى على كورنيش جدة، وعلى شاطئ نصف القمر في الشرقية؛ فيتمكن الشخص من متابعة مسار الحافلات الثقافية وأماكن وجودها من خلال تطبيق سهل ومباشر، يتم تحميله لأجهزة أبل واندرويد». لن نتخيل مدى فاعلية هذه المبادرة الاستثنائية وأبعادها على النشء، خاصة الأطفال؛ فجميع الآباء يشتكون من ملازمة أطفالهم شاشاتهم التفاعلية، وكأن لمس أوراق الكتاب أضحى من الظواهر المندثرة. مع هذه المبادرة، والعديد من مثيلاتها، سنرى الكتب في الأيدي عوضًا عن الرفوف المتلونة بالغبار، وسنرى صباحًا تلك الكائنات الصغيرة في (قطار بشري) أمام الحافلات الثقافية في الرحلة المدرسية التي لن تنسى مع «أبلة سارة». وهنالك المزيد من الأفكار التي لا تفارق مخيلتي عن حاضر ومستقبل، امتزج بعبق حضارة وطننا الحبيب.. من هذا المنطلق أناشد وزارة الثقافة السعودية أن تفعّل مثل هذه المبادرات التي تحيي فينا وطنًا وعلمًا وامتنانًا لكل ما لدينا من عمق وتنوع واختلاف حضارات تحتضننا إلى مستقبل مشرق وداعم لأحد أهم بل أهم مقومات جودة الحياة لأي دولة.