التهاني والتبريكات، هل هي عادات أم عبادات؟
إن قيل: إنها عبادة، فلا يجوز أن نهنئ أحداً، أو ندعو له بالبركة إلا بلفظ محدد ورد من الشارع النص عليه، أو به. وهذا غير صحيح.
فإن قيل: اللفظ غير متعبد به، ولكن السبب الذي تكون به التهاني والتبريكات عبادة.
فيقال: هل كل سبب لا تجوز التبريكات والتهاني به إلا إذا كان سبباً شرعياً.
فيلزم منه أن أي تهنئة بمناسبة لم يرد بها النص فهي بدعة ومحرمة ولو كان السبب دنيوياً، كالنجاح من الاختبار الدنيوي، كما يلزم منه عدم مشروعية التهنئة بالحج والعمرة ونحوهما.
وهذا غير صحيح.
والقاعدة: لازم المذهب ليس بمذهب، ولكنه يدل على بطلان المذهب.
فإن قيل: يلزم من التهنئة بالجمعة أنها عيد، والأعياد الشرعية، توقيفية، ونتعبد لله تعالى بالفرح بها، لقوله صلى الله عليه وسلم للأنصار لما وجد لهما يومان يلعبان فيهما (لقد أبدلكما الله بخير منهما عيد الفطر، وعيد الأضحى)
والقاعدة التي سبق توضيحها في القواعد الفقهية والأصولية: كل احتفال أو اجتماع، أو عمل بمناسبة ذكرى ماضية لا حادثة -دينية أو دنيوية- فهو بدعة.
فالجواب: لا يلزم من التهاني والتبريكات، كون الشيء عيداً.
فإن كانت التهاني والتبريكات على اتخاذ يوم عيدًا غير شرعي أو على فعل محرم أو ترك واجب فلا يجوز، لأن الرضا بالمحرم أو إقراره أو عدم إنكاره أو الإعانة عليه محرمة.
وعلى هذا فإن التهنئة بيوم الجمعة لإدراك ما فيها من الفضل، من باب العادات، وهو خلاف الأولى لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن سلف هذه الأمة الصالح، والأولى تركه وعدم فعله.
مع العلم بأن الفرح بأمور الآخرة، والتوفيق للعمل الصالح وما يتعلق بنعمة الإسلام والإيمان، مشروع، وهو خير من حطام الدنيا بأكملها، قال تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُون .
ولا يلزم من الفرح بالشيء، أو التهنئة به، كونه عيداً.
** **
د. محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة جامعة أم القرى