خالد بن حمد المالك
يكرر ساسة طهران الإعلان عن رغبتهم في حل الخلافات مع جيرانهم بالطرق الدبلوماسية، ومن خلال طاولة الحوار، وأنهم يمدون أيديهم إلى قيادات الدول المجاورة وبخاصة المملكة لأخذ هذا الطريق بدلاً من جر المنطقة إلى حروب لا تستثني أي دولة من أضرارها.
* *
ومن مراجعتنا للسلوك الإيراني، نجد أن ما تتحدث به طهران شيء، وما تمارسه من عدوان شيء آخر، وأن ما تحاول أن تخفيه شيء وما تتستر عليه شيء آخر، فإيران هي من وضع المنطقة على فوهة حرب، وهي من جرَّ دول العالم إلى الحضور والوجود عسكرياً بكثافة لإطفاء أو إشعال الحرائق فيها تبعاً لمصالح كل دولة، بسبب دعم إيران للإرهاب، ووجودها عسكرياً واستخبارياً في عدد من الدول العربية في المنطقة.
* *
وما حدث في أبقيق وخريص من عدوان آثم، يظهر حقيقة النوايا الإيرانية المبيتة، ويكشف الغطاء كاملاً عن اعتداءاتها السابقة على ناقلات البترول، ويؤكد بما لا لبس فيه أن تدخلها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، إنما يندرج ضمن سياسة الدولة الفارسية في التوسع والهيمنة وإضعاف كل دولة تملك القدرة على مواجهة الغطرسة الإيرانية والتصدي لها والحد من تنامي تدخلاتها في دولنا الشقيقة.
* *
لهذا يأتي استهداف استقرار المملكة، من باب سياسة ونوايا طهران في إرباك المملكة بوصفها الدولة العظمى في المنطقة، وإشغالها عن برامجها وخططها في تطوير البلاد، في مقابل انشغال قادة إيران في الحروب، وتحويل الشعب الفارسي إلى طوابير يبحثون عن ملء بطونهم الجائعة، بعد أن أصبحت بلادهم البترولية تتجه نحو سقف الفقر الأعلى على مستوى العالم.
* *
وما يهمنا أمام أحداث أبقيق وخريص، رغم الضرر الذي لحق بالمملكة، أن إيران أصابها الذعر والخوف بعد الإعلان عن تورطها، وبالتالي فإنها لا تستطيع ولا تملك الشجاعة للاعتراف بأنها من قامت بهذه الجريمة، وفي مقابل ذلك فإن لدى قادة المملكة من الحكمة وبعد النظر ما سوف يفوِّت الفرصة على الفرس لجر المنطقة إلى أتون الحرب كرد فعل سعودي على هذا العدوان الآثم، دون أن تتخلَّى المملكة عن حقها في الدفاع عن مصالحها، وتقطع اليد التي تمتد إلى الإضرار ببلادنا.
* *
ومن باب القوة والإدارة المتمكنة بمستواها العالي التي تتمتع بها المملكة، تمكنت من إطفاء الحريق والسيطرة عليه لكي لا يصل في أضراره إلى مدى أوسع في فترة زمنية قصيرة، كما أعادت الإنتاج إلى ما كان عليه قبل استهداف المنشأتين بأسرع مما كان متوقعاً، والمهم أيضاً أنها كشفت أن الضربة كانت من الشمال -من إيران تحديداً- وأن الصواريخ والطائرات المسيَّرة صناعة إيرانية، وهو ما حاولت طهران أن تنفيه، معتمدة على ادعاء الحوثيين الأغبياء بأنهم من قاموا بهذا العدوان.
* *
ما نريده، وما نتوقّعه، هو أن يصطف العالم إلى جانب المملكة في إدانة هذا النظام الدموي الإرهابي، ويلجأ إلى أخذ القرارات المناسبة التي تمنع قيام طهران من تكرار هذا العدوان، فهذا لم يكن اعتداءً على المملكة فقط، وإنما هو اعتداء على اقتصاد العالم أيضاً، وعلى الأمن والسلام في دول المنطقة كذلك، ولا بد من الحزم في التعامل مع إيران، وعدم التسامح مع أعمالها الجبانة كي لا يتكرر ما حدث في أبقيق وخريص وغيرهما.