فهد عبدالله الغانم السبيعي
تمت مهاجمة معملين لتكرير النفط بشرق السعودية هما بقيق، وهي أكبر منشأة لمعالجة النفط في العالم، وخريص، الحقل الشاسع. وتسبب هذا بتوقف ضخ كمية من إمدادات الخام تقدَّر بنحو 5.7 ملايين برميل يوميًا، أي ما يعادل قرابة ستة بالمائة من إمدادات الخام العالمية ونحو نصف إنتاج المملكة، كما أدى هذا الهجوم إلى ارتفاع أسعار النفط وعلى الإنتاج والسلع.
بعد هذا الهجوم صدر بيان حوثي غبي أعلن فيه عن مسؤولية الانقلابيين عن ما حدث لمنشآت شركة أرامكو السعودية وأنه تم بطائرات مسيرة وهددوا بالمزيد من هذه الهجمات كل هذا يدل على كذبهم وافترائهم وتغطية مكشوفة عن المتسبب الحقيقي ويكشف عن ضحالة خبرتهم السياسية والاقتصادية.
لكن الولايات المتحدة الأمريكية أنحت باللائمة على إيران. وذهب وزير خارجيتها مايك بومبيو بتغريدة على موقع تويتر إلى أكثر من ذلك بقوله: «إن إيران هي من تقف وراء الهجمات على المنشآت النفطية السعودية.
وقال بومبيو بأن إيران وراء نحو 100 هجوم سابق تعرَّضت له السعودية.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة تستند إلى صور التقطتها أقمار صناعية وتقارير استخباراتية تعزِّز اتهامها بضلوع إيران بالوقوف وراء هذه الهجمات.
وهذا يعتبر إعلان حرب على السعودية أولاً وعلى قطاع الطاقة العالمي مصادره وأمنه ثانياً.
من هنا لا يخفى على المسؤولين السعوديين منذ وقت بعيد عن أن إيران تسعى لمثل هذه التوترات (الجيوسياسية) وبتبريرات غير منطقية وعلى مرأى ومسمع من العالم وهيئاته الدولية وأمانة منظمة أوبك وهيئة الأمم المتحدة وغيرها فهددت بإغلاق مضيق هرمز والذي يمر منه خمس إنتاج العالم من النفط.
وهاجمت ناقلات النفط ثم تقوم مؤخراً بضرب المنشآت الاقتصادية عسكرياً.
ولكن المنتظر الآن هو التحقيق الذي تقوم به المملكة العربية السعودية وصدور بيان من شركة أرامكو بما حدث ومن هو المتسبب الحقيقي والأدلة المصاحبة كاملة.
إيران المخنوقة سياسياً واقتصادياً والذي ألقى بظلاله على أذرعها في لبنان واليمن والعراق وسوريا ما زالت تلهث وبقوة لإشعال الحرائق السياسية ثم تحاول إطفائها وبشكل سري حتى لا ينكشف فشلها المتمثِّل في الاندماج في المجتمع الدولي وحل مشاكلها وفي مقدمتها ملفها النووي البالي والذي تبرأت الولايات المتحدة الأمريكية منه.
لذا فإن إيران اليوم لا تنفق على شعبها ولكن على حركات وأحزاب إرهابية رغم العقوبات الاقتصادية التي تتوسع ضدها يوماً بعد يوم.
ولكن هذه الدولة المارقة بلا شك تريد جر المنطقة والمملكة إلى أتون حرب إقليمية لعدة أسباب لخلط الأوراق وللفوضى الخلاَّقة وعدم الاستقرار. لذا فإن معاناتها السابقة تجعلها تتجه إلى التصعيد السياسي والاقتصادي لكي تتنفس.
إن الحماقة الإيرانية تكبر يوماً بعد يوم وأكاذيبها تتسع وتتكرر خصوصاً في الغرب ولكن في العالم العربي لا تجد إذناً صاغية سوى من احتضنوا «جزيرة» نتنة تدعي أنها تمارس الحرية وإتاحة الفرصة للرأي الآخر وبرحابة صدر ولكن مذيعيها يلجمون من يقول الحقيقة من ضيوفها السياسيين والاقتصاديين ويقاطعونهم مراراً وتكراراً عند ذكر إيران وممارساتها المقيتة.
ولكنها بنظرهم «شريفة» ولها أعمال خيِّرة في لبنان وسوريا واليمن والبحرين والعراق؟!
لقد تمادت إيران الداعمة الأولى لجميع المنظمات الإرهابية في العالم في غيّها وأصبح من الواجب ردعها عبر قرار دولي يدينها إذا أثبت تقرير شركة أرامكو ذلك.
وأن المملكة العربية السعودية التي دعت ماضيًا وحاضرًا المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير سريعة لتأمين إمدادات الطاقة في منطقة الخليج وحمايتها لكنها تجاه الأحدث الأخيرة لن تقف مكتوفة الأيدي وتمارس نوعاً من ضبط النفس ولكن عبر تصريحات سمو ولي العهد -حفظه الله- وتأكيده للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن المملكة قادرة -بإذن الله- على الدفاع عن نفسها وحماية اقتصادها الحيوي للعالم أجمع، وأن إيران حين تستهدف قطاع الطاقة في المملكة فهي أيضاً ترسل برسالة أخرى فيها تحدي وبشكل سافر بأنها تستطيع قطع شريان الاقتصاد العالمي ولفت الأنظار إلى أمور جانبية كالحرب على الحوثيين في اليمن وهجمات حزب الله على إسرائيل.
لا توجد أي مقاربة سياسية تجاه أفعال إيران سوى ممارسة المزيد من الضغوط عليها وعلى أذرعتها وتوسيع العقوبات عليها وطرح مبادرات جديدة قاسية وصعبة عليها لكي يصبح تحقيقها لجزء منها صعب المنال لكي تقوم بتقديم التنازلات والابتعاد عن بؤر التوتر وليس الاقتراب منها وتغذيتها.
المملكة في طبيعة الحال لها حق الرد على من تسبب بذلك وكل الخيارات مطروحة على طاولة سمو ولي العهد ولن ترقص على حافة الهاوية رغم أنها لا تريد حروبًا ولا اعتداءً على أحد ولكنها عندما تجبر على ذلك فإن الرد سيكون سعودياً خالصًا وبأي طريقة كانت وبالتشاور مع حلفائها وشركائها في العالم وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة بحكمة وحنكة قيادتها الرشيدة تعرف من أين تؤكل الكتف ولن تستعجل في ذلك ولكن إستراتيجيتها النفطية ومعاملها وطاقتها خط أحمر وفوق كائن من كان ورسالة سمو ولي العهد تعتبر واضحة ومفهومة ووصلت إلى مبتغاها.