«الجزيرة» - أبوظبي - محمد المنيف:
صباح يوم الاثنين الماضي افتتحت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة الموسم الثقافي الجديد لمتحف اللوفر أبوظبي بعنوان «مجتمعات متغيرة»، وذلك بمعرض «لقاء في باريس: ضمن عدد من أعمال الفنانين بيكاسو وشاغال وموديلياني وفنانو عصرهم (1900- 1939)»، منهم خوان غريس وشايم سوتين وقسطنطين برانكوزي وتمارا دوليمبيكا، وآخرون.
يُذكر أن هذا المعرض هو الأول من نوعه في الإمارات العربية المتحدة الذي يجمع 85 عملاً فنيًّا للفنانين الطليعيين من القرن العشرين. وقد حضر الافتتاح معالي محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، كما شارك في الحضور معالي الدكتور مغير خميس الخييلي رئيس دائرة تنمية المجتمع، وسعادة سيف سعيد غباش وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، وسعادة مبارك الناخي وكيل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، وسعادة العميد سهيل سعيد الخييلي مدير قطاع العمليات المركزية في شرطة أبوظبي، وسعادة السفير لودفيك بوي سفير الجمهورية الفرنسية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، ومانويل راباتيه مدير متحف اللوفر أبوظبي، وسيرج لافين مدير مركز بومبيدو، وجان لوك مرتينيز رئيس متحف اللوفر ومديره، وآن ماني أورن المدير العام لوكالة متاحف فرنسا، والدكتورة ثريا نجيم مديرة إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في اللوفر أبوظبي، وكريستيان بريان رئيس أمناء قسم الفن الحديث في المتحف الوطني للفن الحديث في مركز بومبيدو ومنسق المعرض، وآنا هيدلستون جالوني مساعدة أمين متحف في قسم الفن الحديث في المتحف الوطني للفن الحديث في مركز بومبيدو.
عالم من الإبداع ملأ المكان بعبق التاريخ
يكشف المعرض الذي قام على تنظيمه متحف اللوفر أبوظبي بالتعاون مع مركز بومبيدو ووكالة متاحف فرنسا مدى إسهام الفنانين الذين هاجروا إلى فرنسا في مطلع القرن العشرين في رسم المشهد الثقافي في العاصمة الفرنسية في ذلك الوقت؛ إذ يضم مجموعة من اللوحات والمنحوتات، بما فيها لوحة «غوستاف كوكيو» لبيكاسو (1901)، و»صورة شخصية لديدي» لأماديو موديلياني (1918)، و»الأب» لمارك شاغال (1911)، و»فتاة بثوب أخضر» لتمارا دوليمبيكا (1927-30). كما سيطلع الزائر على حياة هؤلاء الفنانين ومسيرتهم الفنية في باريس من خلال إعادة تصوير المشهد الاجتماعي والثقافي الذي كان سائدًا آنذاك.
كما قسم المعرض إلى صالات، يتصل بعضها ببعض. وتضمنت كل صالة لوحة إرشادية، تحمل عناوين، تشير إلى ما تحويه كل صالة من أعمال، ومَن نفذها. ومن تلك العناوين (التكعيبيون الأجانب) و(شاغال ومجتمع لاورش) و(موديلياني حي مونابرس) و(ورشة عمل كونستانتين برانكوشي).
كما يلفت المعرض إلى نشأة العديد من الحركات الفنية التي باتت اليوم تعرف بأبرز الحركات التي حددت معالم الفن الحديث؛ إذ كانت الوحشية من أولى الحركات التي ظهرت في هذا الإطار من خلال أعمال عدة، منها «درجات الأصفر» لفرانتيشيك كوبكا (1907)، و»نيني، الراقصة في ملهى فولي بيرجير» لكيس فان دونغن (1909)، و»فيلومينا» لسونيا ديلوناي (1907). ولا بد من الإشارة إلى أن فناني هذه الحركة كانوا منفتحين على المخاطرة الفنية، ويستمدون إلهامهم من فان غوخ وغوغان، وقد ابتكروا لوحات استخدموا فيها ألوانًا مشرقة وحادة.
وتشكل لوحة «فتاة نائمة» لسونيا ديلوناي (1907) خير مثال على أن استخدام الضوء والألوان في اللوحة يتعدى نقل المساحة والبُعد فيها إلى نقل المشاعر والأحاسيس.
أما جانب الحركات الفنية فسيجد الزائر التكعيبية من خلال أعمال بارزة، مثل «الفتاة والطارة» لبابلو بيكاسو (1919)، و»طبيعة صامتة على كرسي» لخوان غريس (1917).
يُذكر أن بابلو بيكاسو قام، بالتعاون مع الفنان الفرنسي جورج براك، بابتكار مبدأ التكعيبية مستمدًا الإلهام من أعمال بول سيزان ومن المنحوتات الإفريقية. وتوضح أعمال بيكاسو الفنية المعروضة، مثل «امرأة جالسة على كرسي» (1910)، سعيه إلى عدم إيضاح الخطوط التي ترسم معالم الشخص في إطار تجريدي.
لقاء الإعلاميين وحديث المسؤولين في المتحف
أُقيم لقاء صحفي لفريق الإعلاميين المدعوين لحضور الافتتاح، تحدث فيه السيد مانويل راباتيه مدير متحف اللوفر عن المعرض، وما يشكل كمحطة مهمة في المنطقة؛ إذ يسلط الضوء على حقبة بارزة في تاريخ الفن.
وفي سياق موسمنا الثقافي الجديد يبرز المعرض النتاج الإبداعي الذي رأى النور في فترة شهدت العديد من الاضطرابات السياسية والاجتماعية، ويبيّن كيفية تأثير التبادل الفكري على نتاج جيل كامل من الفنانين. ولا بد لنا من أن نعرب عن امتناننا لشركائنا لإتاحة الفرصة لنا لإطلاع زوارنا على مثل هذه الأعمال الفنية الاستثنائية، ومن أن نشكر بشكل خاص مركز بومبيدو على تعاونه معنا في تنظيم هذا المعرض.
من جهتها، اعتبرت الدكتورة ثريا نجيم، مديرة إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في متحف اللوفر أبوظبي أنه «يمكن القول إن هذا المعرض لا يقدم للزوار أعمالاً فنية فقط، بل يأخذهم في رحلة عبر الزمن؛ ليعيشوا لحظات تاريخية، هي الأبرز في تاريخ الفن الحديث، حين اجتمع الفنانون والنحاتون والمصورون مع الكتّاب والموسيقيين والشعراء في مشهد ثقافي استثنائي. فإلى جانب أعمال كبار الفنانين يتمحور هذا المعرض حول مدينة باريس مسلطًا الضوء على الدور الذي لعبته كمركز للابتكار والتبادل الثقافي، وعلى الفنانين الذين هاجروا إليها من جميع أنحاء أوروبا وآسيا وأمريكا، الذين باتوا يعرفون اليوم باسم الفنانين الطليعيين».
أما سيرج لافين، مدير مركز بومبيدو، فاعتبر أن «مركز بومبيدو أسهم في مسيرة اللوفر - أبوظبي الفنية والفكرية؛ فقد أعار المتحف العديد من القطع الفنية البارزة من مجموعة المتحف الوطني للفن الحديث التي تلاقت مع مجموعة اللوفر - أبوظبي الفنية التي تضم العديد من الأعمال المهمة لكبار فناني القرن العشرين. وحين حان الوقت لنقرر موضوع أول معرض يقوم على التعاون بين المتحفين اقترح فريق عمل اللوفر أبوظبي فكرة هذا المعرض. والجدير بالذكر أن موضوع المعرض يأتي في إطار التبادل الثقافي الذي يسلط الضوء عليه هذا المتحف العالمي الذي صممه جان نوفيل».
إلى جانب ذلك، قال كريستيان بريان، منسق المعرض: «ظهرت تسمية (مدرسة باريس) للمرة الأولى في عام 1925، ومنذ ذلك الحين تم استخدامها للإشارة إلى الازدهار الفني الاستثنائي الذي نتج من لقاء الفنانين والنحاتين الذين اتجهوا إلى العاصمة الفرنسية من أوروبا وآسيا وأمريكا منذ مطلع القرن العشرين إلى الحرب العالمية الثانية. فقد رغب الفنانون بالسفر إلى فرنسا نظرًا إلى المكانة العالمية للمدينة، والمشهد الفني الذي كان سائدًا فيها آنذاك، الذي تبلور مع نجاح المعرض العالمي فيها في عام 1900. ولكن الأهم من ذلك كانت باريس بالنسبة إلى الرسامين والنحاتين الأجانب مركزًا لمختلف أنواع الفنون».
فعاليات مصاحبة للمعرض
هذا، وسيرافق فترة المعرض مجموعة من الفعاليات التي عملت على تنسيقها روث ماكنزي، الحائزة رتبة الإمبراطورية البريطانية، والمديرة الفنية لمسرح شاتليه في باريس، والمديرة الفنية السابقة لمهرجان هولندا ومهرجان لندن للعام 2012 (البرنامج الثقافي الرسمي لألعاب لندن الأولمبية للعام 2012). وسيتمكن الزوار في الفترة الممتدة من 18 إلى 21 سبتمبر من الالتقاء بآلات حية تجوب أرجاء المكان مستوحاة من «استعراض» بيكاسو وجان كوكتو وإريك ساتي. كما سيستمتعون برقصات مصممة الرقص الشهيرة إليزابيث ستريب وفرقتها «إكستريم أكشن تروب» التي تجمع بين الحركات البهلوانية وفنون السيرك والرقص المعاصر في عرضين على آلات عملاقة بعنوان «دوران» و»تأرجح».
كما ستركز فعالية عطلة نهاية الأسبوع العائلية لشهر أكتوبر المقامة يومَي 25 و26 أكتوبر على المعرض من خلال نشاطات مستوحاة من الأعمال الفنية المعروضة؛ ليتمكن جميع أفراد العائلة من اكتشاف أسلوب الفنانين المعاصرين باستعمال الألوان والأشكال في الرسومات، والتعرف إلى الحركات الفنية المختلفة التي ظهرت في باريس في خلال القرن العشرين.
كما تتضمن الفعاليات المرافقة للمعرض حفلة موسيقى إلكترونية مصحوبة بعروض مرئية مستوحاة من الفن التكعيبي في 21 نوفمبر من الساعة العاشرة مساء حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل. ويقدم العروض أمون توبين (فرقة تو فينغرز)، و(موليكول لايف)، وفرقة (بوغي بوكس) التي تضم الفنانين حسن علوان وتريستن غيرو.
وستترافق العروض الموسيقية المتميزة مع عروض ضوئية على قبة المتحف الرائعة مستوحاة من الفن التكعيبي.
يُذكر أن هذه الحفلة الموسيقية تُقام بالتعاون مع المعهد الفرنسي - القسم الثقافي في السفارة الفرنسية في دولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى سلسلة من العروض السينمائية من اختيار الفنانة هند مزينة، ومجموعة أفلام للأطفال من اختيار رينكو أوتاني.