خالد بن حمد المالك
لم تنجح إيران في التخفي وراء جريمتها، والتمويه عن إدانتها باستخدام وكلائها الحوثيين للإعلان بأنهم من قام بضرب معملي أرامكو في بقيق وخريص بعشر طائرات مسيَّرة لا أن إيران من فعل ذلك بصواريخها، إذ إن التحقيقات كشفت عن أن الصواريخ التي ضربت المفاعلين صناعة إيرانية ومصدر انطلاقها من إيران نفسها، وربما تكشف الأيام القليلة القادمة عن مزيد من المفاجآت المثيرة عن هذا الهجوم الوحشي الجبان والغادر.
* *
ومن يتتبع سلوك نظام طهران، لن يندهش من هذا العدوان السافر، ولن يتعب في تحليل أسباب ومبررات قيام إيران بمثل ما قامت به، حتى وإن أسرعت في نفي أي صلة لها به، ففي سياساتها الممنهجة اعتادت أن تقوم بنفسها بمثل هذا التصرّف ثم تعلن براءتها، وعدم وجود صلة أو علاقة لها به، في حال لم توكل الأمر بتنفيذه لأدواتها في المنطقة: حزب الله في لبنان، مروراً بالحشد الشعبي في العراق، وأخيراً لا آخراً الحوثيون في اليمن.
* *
ما يثير الانتباه في جريمتها الأخيرة ليس هذا التصرّف الإيراني الأحمق، الذي يندرج ضمن سلسلة من العمليات المماثلة التي مسَّ ضررها اقتصاد العالم، وأمن عدد من الدول، من خلال القرصنة البحرية، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وإيكال تنفيذ عدوانها المتكرر إلى وكلاء تزوِّدهم بالمال والسلاح، وبكل ما يضمن بقاءها دولة مارقة وشوكة في خاصرة دول المنطقة، وليس هذا هو ما يثير الاستغراب، إذ إن استغرابنا يأتي من هذا التعامل الرخو والمرن والتسامح مع جرائم هذا النظام الكريه.
* *
في فترة زمنية لا تتجاوز الشهرين، ألقت إيران بحمم صواريخها على مواقع بترولية لأرامكو بالقرب من الدوادمي، واستولت على ناقلة نفط بريطانية، وفجَّرت أمام سواحل الإمارات ناقلتي نفط في المياه الدولية، وأسقطت طائرة أمريكية مسيَّرة، وها هي الآن تفجِّر بصواريخها مصدراً مهماً ومؤثِّراً وكبيراً في إمداد العالم بحاجته من النفط، دون أن تعبأ باحتجاجات دول العالم، وتنديدها وإدانتها لهذا التصرّف الجبان.
* *
ما قلناه من قبل، ونقوله الآن، لقد شبعنا من التصريحات التي لا تحرِّك شعرة واحدة في رأس خامنئي، لأنه اعتاد عليها، وتعوَّد على عدم جديتها، وأنها للتهدئة فقط، بانتظار أن يقوم بضربات جديدة، وحماقات إيرانية أخرى، هذا وهي لم تصل بعد إلى مرحلة التخصيب التي تمكِّنها من صناعة القنبلة الذرية، فكيف لو نجحت في ذلك بعد نفاد المدة المحددة لها بموجب الاتفاق الدولي معها.
* *
ومما ما يُؤسف له، أن بعض الدول التزمت الصمت أمام ما جرى لمعملي أرامكو، وأن من خرج عن صمته على استحياء لم يتجاوز الاستنكار، وأحياناً لا يسمي إيران بالاسم، أما ما هو أسوأ فهو من أيَّد العملية الإجرامية كالرئيس التركي أوردوغان الذي ربط هذا العمل الجبان بما تقوم به المملكة من عمل لإعادة الشرعية إلى الحكم في اليمن الشقيق، ومنع طهران من التدخل في شؤونه الداخلية، بما لا يجعل من هذه الدولة الشقيقة المجاورة للمملكة مصدر عدوان على بلادنا، باستخدام الحوثيين في تنفيذ مآرب وسياسات وأهداف النظام الإيراني، وأطماعه التوسعية في المنطقة.