فضل بن سعد البوعينين
ما إن أعلن سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في المؤتمر الصحفي عودة إمدادات النفط السعودية إلى مستوياتها قبل الهجوم على مرافق أرامكو حتى انخفضت أسعار النفط في الأسواق العالمية بنسبة 8 %؛ وهو أمر يعكس ثقل المملكة النفطي، وثقة العالم بها، وبدورها الفاعل في تحقيق أمن الطاقة العالمي؛ فالمملكة أشبه ببنك النفط المركزي العالمي الذي يضمن الإمدادات النفطية، ويضبط حركة الأسواق العالمية بكفاءة وموثوقية عالية، ويسهم في استقرار اقتصادات الدول، واستدامة النمو العالمي؛ لذا شدد سمو وزير الطاقة على أن ما تعرضت له المملكة وشركة أرامكو هو «تخريب لجميع اقتصادات العالم»، وربط بذكاء بين أمن المملكة الاقتصادي وأمن اقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.
وكما تحرص البنوك المركزية على تحقيق سلامة الاقتصاد، وتعزيز نموه، وضبط حركة قطاعاته المالية؛ فالمملكة تحرص أيضًا على تحقيق تلك الأهداف على مستوى عالمي من خلال قطاع الطاقة، وضمان أمنه واستقراره، وضبط حركته. وهو دور تدعمه احتياطياتها النفطية، وقدراتها الإنتاجية التي تزيد على 12 مليون برميل يوميًّا، ومخزوناتها التحوطية المقدرة بـ 200 مليون برميل، والموزعة على بعض دول العالم. وقبل كل ذلك تعاملها بمسؤولية مع أهم الموارد الاقتصادية، واتزان سياستها النفطية، وتركيزها على تحقيق التوازن الأمثل بين مصلحتها الخاصة ومصلحة الاقتصاد العالمي.
عززت عمليات تخريب المنشآت النفطية ثقة العالم بالمملكة وبشركة أرامكو بعد أن تعاملت قيادتها بحكمة وكفاءة مع عمليات الاستهداف الشنيعة؛ فلم تهلع، ولم توجه الاتهامات جزافًا، بل انتظرت حتى تنتهي من تحقيقاتها المكثفة، ثم دعت مختصين دوليين وخبراء من الأمم المتحدة للمشاركة في التحقيقات. وهو عمل لافت، يربط بين مخرجات التحقيق والأمم المتحدة؛ فيعزز حيادية النتائج وموثوقيتها. الأمر عينه ينطبق على شركة أرامكو التي نجحت في إخماد الحرائق في سبع ساعات فقط، وهو زمن قياسي مقارنة بالأضرار الفادحة، وإعادة الإنتاج لما كان عليه من قبل خلال ثلاثة أيام فقط. الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو أمين الناصر أكد أنه «لا توجد شركة في العالم قادرة على تخطي مثل هذا الهجوم خلال فترة قصيرة كأرامكو». وهو أمر دقيق - ولا شك - خاصة أن كفاءة أرامكو لم ترتبط بسيطرتها على الهجوم وإعادة الإمدادات إلى سابق عهدها في زمن قياسي فحسب، بل في خطط التحوط الاستراتيجية التي مكّنتها من الوفاء بالتزاماتها لعملائها دون تعثر.
رُبّ ضارة نافعة؛ أراد أعداء المملكة الإضرار بها، واستهداف منشآتها النفطية الحيوية، واقتصادها، وأراد الله لها التمكين والقوة والحشد الدولي، وتعزيز ثقة العالم بها وبقطاعها النفطي وبشركتها العالمية «أرامكو».
عودًا على بدء؛ قدم المؤتمر الصحفي الذي عقده سمو وزير الطاقة المعلومات المهمة بشفافية مطلقة، وأجاب من خلاله عن أهم الأسئلة التي سببت ارتباكًا كبيرًا للأسواق والمتابعين، وربط بكفاءة بين الجوانب السياسية والنفطية والاقتصادية. ولعلي أشيد باحترافية سمو وزير الطاقة وإيجابيته مع الإعلاميين الذين وصفهم بـ»الأصدقاء»، واحترافية رئيس مجلس إدارة أرامكو ياسر الرميان ورئيسها التنفيذي المهندس أمين الناصر. وأشدد على أهمية المؤتمرات الصحفية المفتوحة، والتواصل الإعلامي في جميع الأوقات، وبخاصة في أوقات الأزمات.