د. أحمد الفراج
نواصل رحلتنا مع أسوأ رؤساء أمريكا، ونتحدث اليوم عن تاسع العشرة الأسوأ، وهو الرئيس يوسيليس قرانت، الذي حكم لفترتين، من عام 1869 حتى عام 1877، وقصة هذا الرئيس غريبة، فقد كان عسكرياً لا يشق له غبار، شارك في الحرب الأمريكية المكسيكية، ثم تقاعد من الجيش، ولكن بعد قيام الحرب الأهلية الأمريكية، التي قادها الرئيس، ابراهام لينكولن، لتحرير الأرقاء، عاد للعسكرية مع القوات الاتحادية، ولأنه عسكري متمرِّس وقائد شجاع، فقد أبلى بلاءً حسناً، لا يتوقف المؤرِّخون عن الحديث عنه، وهذا ما جعل الرئيس لينكولن يأمر بترقيته إلى رتبة جنرال، وهي الرتبة التي كانت محفوظة للأب الروحي لأمريكا، الرئيس جورج واشنطن، وقد حارب الجنرال قرانت غريمه الجنرال روبرت لي، وانتهت هذه المواجهات الكبرى باستسلام الجنرال لي، وهو ما أنهى الحرب الأهلية الدامية، التي انتهت بانتصار الولايات المتحدة الأمريكية على الولايات المتحدة الكونفيدرالية، وبالتالي إلغاء الرق.
الرئيس قرانت، لم ينجح بالسياسة كما نجح بالعسكرية، لأن تجربته كانت كلها بالشأن العسكري، فقد عمل قائداً للجيش ووزيراً للحرب، رغم أن له جهوداً جبارة في الداخل الأمريكي، تميزت بموقفه غير العنصري في ذلك الزمن السحيق، فقد أسس وزارة العدل، وقام بمحاكمة المجرمين من منظمة الكلو كلس كلان، وهي منظمة عنصرية عنيفة، تأسست بعد تحرير الأرقاء، وكانت مهمتها تتلخّص في ملاحقتهم وتعنيفهم واضطهادهم، بل واضطهاد وقتل كل من يتعاطف معهم من البيض، كما أنه رشّح أفراداً من الهنود الحمر والسمر لمناصب فيدرالية، وهذا يعتبر أمراً صارخاً ومستفزاً للبيض في ذلك الوقت، ويحسن التذكير بأن المؤرِّخين اختلفوا حول هذا الرئيس، فالمحافظون يرون أنه كان رئيساً سيئاً، رغم اعترافهم بعبقريته العسكرية، بينما المعتدلون صنفوه على أنه رئيس شجاع، ولكنهم يتفقون جميعاً على أنه حكم خلال فترة حالكة من التاريخ الأمريكي، مليئة بالتحديات، وبالتالي أثّر ذلك على تصنيفه السيئ، وبقي أمر واحد إن كان يهم، وهو أنني أرى أنه كان رئيساً جيداً!