محمد سليمان العنقري
رغم الاعتداء الدنيء والسافر الذي تعرَّضت له منشآت نفطية، تملكها شركة أرامكو في بقيق وخريص، وتسبب بتعطيل 50 % من إنتاج النفط والغاز لفترة مؤقتة، الذي أشارت الدلائل لضلوع إيران به؛ وهو ما يمثل إرهاب دولة، واعتداء يضر بالاقتصاد العالمي، إلا أن المملكة قادرة على التعامل مع حدث كهذا بإمكانيات كبيرة؛ وهو ما يحد بشكل كبير من الضرر الذي وقع على تلك المنشآت الاستراتيجية التي تغذي وحدها العالم بخمسة في المائة من احتياجاته من النفط.
فالمملكة من واقع خبرتها الواسعة في إنتاج الطاقة، وكونها تمتلك استراتيجية بترولية منذ سنوات طويلة، وتعي حساسية المنطقة، وعدم استقرارها منذ عقود، فإنها تجيد التعامل مع الأزمات أيًّا كان نوعها؛ فأرامكو لديها مخازن نفط في مناطق عدة في العالم؛ وذلك لتلبية الإمدادات لعملائها في حال احتاجت لذلك كما هو الحال بعد هذا الاعتداء الإجرامي الذي تشير كل الدلائل - حسب مصادر رسمية عديدة - إلى أصابع إيران فيه، وهي الدولة التي اعتادت تصدير الإرهاب للعالم، وها هي تقوض السلم الدولي، وتلعب دورًا خطرًا وإجراميًّا، يهدد استقرار الاقتصاد العالمي وأمن إمدادات الطاقة له.
فقوة اقتصاد المملكة تتمثل في عناصر عديدة، تسمح لها باحتواء أي أزمة تواجهها.. فبخلاف قدرة وخبرة أرامكو في التعامل مع هذه الأحداث، والقدرة على العودة للإنتاج بمستوى الطاقة نفسه قبل هذا الحدث بفترة لن تكون طويلة - إن شاء الله -، فإن الاحتياطيات المالية الضخمة التي تقدر بنحو تريليونَي ريال، وتكفي لتغطية واردات المملكة لنحو 48 شهرًا، بما يفوق المعدل العالمي بثمانية أضعاف، وكذلك انخفاض الدَّين العام الذي يصل لنحو 21 % من الناتج الإجمالي، إضافة للإصلاحات الاقتصادية التي بدأت منذ نحو ثلاثة أعوام، وإطلاق رؤية 2030 التي دخلت مرحلة التنفيذ، إضافة إلى تصنيف المملكة الائتماني القوي، وكذلك علاقاتها الدولية الواسعة، وكونها أكبر اقتصاد عربي، ومن الأكبر في الشرق الأوسط مع النظر للقطاعات الجديدة التي بدأت تجذب مستثمرين كالتعدين وغيرها من الخدمات.. كلها عوامل تؤكد وتعزز القدرة على مواجهة الأزمات، والتغلب عليها.
وبالرغم من الأحداث السياسية السلبية التي تشهدها المنطقة منذ سنوات إلا أن المملكة حافظت على استقرارها الاقتصادي، وتدعم النمو فيه، والتنمية المستدامة، وتعلن مشاريع عملاقة، وتمتلك القدرة على مجابهة الأحداث أيًّا كان نوعها؛ فقد واجهت من قبل بكل قوة واقتدار تبعات الحرب العراقية - الإيرانية بالقرن الماضي، واحتلال العراق للكويت، وبعدها الحرب الأمريكية على العراق، وأيضًا الأزمة المالية العالمية في 2008 م، والفوضى التي تنتشر بالعالم العربي منذ ثماني سنوات.. وكلها بفترات قصيرة نسبيًّا، ومع ذلك كانت في كل مرة تثبت تفوُّقها، ورسوخ قوة اقتصادها، وقدرتها على التعامل بالحكمة والقوة لحماية الوطن والمواطن.