علي الخزيم
تَعَاَرك التلاميذ ومضى الطفل (معتز) جعله الله من خير الشافعين، ووالده (خويتم) أبدى كرماً ونبلاً عربياً أصيلاً بتنازله عن حقه الخاص بسبب وفاة طفله، فقد عمل بما ينادي به كشاعر تَحْمِل أبياته معالم الشِّيم العربية والسجايا الحميدة التي يتغنَّى بها العرب ويعملون بها واقعاً ملموساً، ويتفاخرون بالتسابق إليها، وزاد بأن دعا إلى الإفراج عن التلميذ الطرف الآخر بالمشاجرة الطفولية، حيث رأى الأمر بعين الحكيم المُجَرب، وبعقل المُتَبَصِّر بعواقب الأمور، وبقلب الأب العطوف الرحيم، فقد وضع نفسه خصماً وحكماً وقاس الأمور بمقياس العاقل المُتجرد من سطوة العواطف وشهوة الانتقام، وخرج بنتيجة مرضية لضميره، ومُفرحة للطرف الآخر، مُترفعاً عن ردود أفعال الصغار، وعنتريات (مهايِطِي) المواقف الطارئة، وهذا ما كان محل إعجاب وتقدير سمو أمير منطقة الرياض الذي قدَّم التعازي للوالد المكلوم، وعبَّر له عن شكره وإعجابه الكبيرين لنبله وكرم أخلاقه، وما صنعه من قدوة حسنة قدم بها صورة رائعة من الإخوَّة بالعروبة والإسلام.
ومن اللافت بالجانب الآخر أن يبرز من يقتنص الفرص والأحداث لخدمة أفكار خاصة به وتأليب الآخرين للوقوف ضد النهج الذي لا يميل إليه اجتماعياً، وإثارة الخلاف والنقاش حولها وإن كان نقاشاً لا يُرجى منه نتيجة ناجعة، ويكتفون بتعكير الأجواء للفت الانتباه لفكرتهم ولجر فئات لا تتعمق بالتمحيص لتقف معهم ولو باصطفاف ابله دون تمعُّن وإدراك للأهداف الأبعد، من ذلك ما نادت به مغردات ضد موقف والد الطفل بتنازله عن حقه الخاص بالقضية ومطالبتهن بأخذ رأي الأم (كامرأة لها حقوقها الاجتماعية)، وعدم تهميشها واحترام إنسانيتها! وكأنهن قد أخذن تفويضاً منها وتوكيلاً للتحدث باسمها، فما يدريهن بأن الأب الحكيم كان له مواقفه النبيلة بهذه المسألة ولم يُهمل أي طرف للتشاور معه وأخذ مرئياته، وإقناع من تردد بأن يسلك سبل الرشاد، ويتحرَّى الخير حتى بالابتلاء بالمصائب، وإن الله سبحانه يُؤتي الصابرين أجرهم بغير حساب، ولكن البعض يَغْفلون عن هذه القيم إما جهلاً أو عمداً خدمة لتوجهات يُدفعون لها دفعاً.
وبكل حادث مدرسي أو طارئ يعود الحديث عن تكامل المبنى المدرسي، وتوفر وسائل التعليم والتربية بها، وهي لا تقتصر على المنهج المودع بالكتاب المدرسي فقط، ولا بالمعلم الذي يجب أن يكون على قدر كبير من الدراية والفهم والوعي بمهامه التربوية التعليمية، وبحسه الإنساني الأبوي تجاه التلاميذ، وأحسب أن الكثير منهم لا ينقصهم الإحساس الإنساني غير أنه يفترض تفعيله ليؤتي ثماره المرجوة؛ فالحديث به شيء والتطبيق شأن أهم وأكبر، فلا بد للمدرسة من أنشطة ومُشَوِّقات وفعاليات جانبية تسند المنهج وتشغل الصغار عن توافه الأمور التي تقودهم للعراك والشقاق لأتفه الأسباب التي تكتنف عقولهم الغضة، فحري بوسائل الترفيه الرياضي والأنشطة المناسبة لسِنِّهم أثناء الراحات المدرسية بين الحصص أن تنمي فكرهم ونفوسهم وتأخذ بهم إلى فضاءات أرحب من الود والعمل الجماعي المحبب، ويمكن للمعلم المختص المتابع أن يُدون الميول والاهتمامات لتطويرها وتنميتها وتسجيل المعلومات بملف الطالب، وما زال التساؤل قائماً عن هذا الملف وأهميته كمرجع؟!