عمر إبراهيم الرشيد
من أشهر الأقوال عن الديمقراطية تلك التي أطلقها رئيس الوزراء البريطاني (الديمقراطية أسوأ أشكال الحكم)، وذلك بعد أن أقصته الانتخابات عن منصبه بعد أن قاد بلده للانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. والمعروف أن الديمقراطية كنظام حكم غربي إنما هو مزيج من فكر سياسي إغريقي وروماني، ومخاض استمر لحوالي خمسة قرون من الحروب الدموية الدينية والسياسية بين الدول الأوروبية، حتى الحربين العالميتين اللتين حصدتا عشرات الملايين من البشر، جعلت الدول الغربية ومعها أمريكا تتمسك بالديمقراطية كنظام لتداول السلطة حتى الآن. حكومة الاحتلال (إسرائيل) والتي زرعت بريطانيا نبتتها السامة في المنطقة العربية تبنت بالطبع ديمقراطية الصناديق الانتخابية كما هي في الغرب، والتي يستعدون لها غداً الثلاثاء 17 من هذا الشهر لهذا العام 2019م. وبالطبع فإن الديمقراطية إنما هي نظام سياسي فضفاض كل كيان يتبناه يفصله على مقاييسه السياسية والاجتماعية والثقافية بشكل عام، ففي بلد مثل فرنسا التي شهدت الثورة على النظام الملكي عام 1789م ورفعت شعار الحرية والعدل والمساواة، لم تتوان عن سحق مئات الآلاف من الجزائريين إبان احتلالها له، وكذلك فعلت بريطانيا في الدول التي احتلتها وإن كان العدد أقل بكثير، وهي التي توصف بأنها أم الديمقراطية في العالم وأقدم نظمها. قس على ما سبق ما يحدث في (إسرائيل)، وهو ما يتردد وصفها بأنها (الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط)، وللأسف فإنك تجد هذا الوصف ينطلي على ضحال الأفهام في منطقتنا. لذلك فإن عزم نتنياهو ضم أجزاء من الضفة الغربية في حال إعادة انتخابه إنما هو أبلغ تعريف لهذه الديمقراطية، فانظروا إلى الشرط (في حال إعادة انتخابه) أي أن المسألة فيها من المساومة والمخاتلة ما يغني عن الشرح. ثم إنها توكيد وتجسيد لعقلية (الإسرائيليين) التي تفرز حكامها من نوعية نتنياهو ومن سبقه منذ 1948م.
بقي أن نستحضر أنه ما من دولة خدمت (إسرائيل) في المنطقة أكثر من حكومة طهران، حين أشعلت النيران في المنطقة منذ عام 1979م ولا تزال، ما جعل عقولاً وضمائر ترى في حكومة الاحتلال الإسرائيلي حمامة سلام! اللهم احفظ بلاد الحرمين حكومةً وشعباً، وأعد الرشاد والسلام إلى بلاد العرب والمسلمين.