مصعب الداوود
تكتسب الأيام أهمية كبيرة في حياة الناس وفي معاشاتهم، فهي السجل المتوالي المستمر من الولادة إلى الموت، وهي كذلك مصدر السعادة لأناس تأملوا ماضيهم الجميل فرأوا تسارع تلك الأيام، وأحسوا وكأن تلك الأيام تتمثل في هيئة جواد أشهب أصيل يمضي بسرعة البرق، ولكنها عند أناس آخرين تجري ببطء شديد كسلحفاة تائهة أضلَّت طريقها، ويكمن ذلك الشعور الذي يتلمسه هؤلاء الناس في صعوبة الأحداث التي يواجهونها، وعدم وجود ما يبث السعادة أو ما يستحق أن يُسجل كذكرى خالدة، وإذا تجمعت تلك الأيام بخيرها وشرها وحلوها ومُرها كونت لنا سنة بل سنين عديدة، وتلك السنون غالباً ما تحمل في بطونها أيامها وشهورها بل ولحظاتها أحداثًا لابد أن تُسجل، ومن الأمثلة على ذلك أحد الأعوام التي سبقت عامنا بأكثر مئة سنة، وهو العام 1889، ففي ذلك العام وُلد العديد من العظماء الذين غيَّروا مجرى تاريخهم، إضافة إلى ما أنتجوه من نتاج علمي أو أدبي، فعلى سبيل المثال وُلد كبار رجالات الفكر والنهضة العربية في ذلك العام، مثل عباس محمد العقاد، وكذلك زميله ورفيق دربه عبدالرحمن المازني، إضافة إلى عميد الأدب العربي وهو الأستاذ طه حسين، وهؤلاء مثلوا لوحدهم تاريخيًا ثقافيًا بارزًا ظهر على الساحة العامة بين المجتمعات العربية. ونستذكر في هذا العام ولادة الزعيم الألماني أدولف هتلر الذي أراد أن يمضي قدمًا لبسط نفوذه على أوروبا مبتدئاً بدولة بولندا ومنتهيًا إلى روسيا التي سقط فيها كما سقط نابليون من قبل عندما أراد تكوين إمبراطورية أوروبية عاصمتها باريس، ولكن الحزب النازي سقط مع نهاية الحرب العالمية الثانية. وكما أن هناك زعماء للحرب والعنف فهناك على الوجه الآخر رواد للضحك والكوميديا، فلا يُنسى الكوميدي الأشهر تشارلي تشابلن الذي ابتدع طريقة جديدة في فن الضحك، ألا وهي الإضحاك من غير استخدام الحوار الصوتي، وسار على النهج نفسه المهرج والكوميدي الشهير ستان لوريل هو وصديقه أوليفر هاردي، حيث كانا في بداية نشاطهما الفني لا يستخدمان أسلوب الحوار، ثم تحولا في منتصف العشرينيات إلى استخدام الحوار الصوتي أثناء العرض، وهناك الكثير ممن وُلد في عام 1889 ممن أحدثوا تغييراً كبيراً في مجتمعهم.