«الجزيرة» - عبير الزهراني:
أشاد اقتصاديون بتقرير صندوق النقد الدولي عن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، وبجهود دعم تنويع الاقتصاد، واستمرار تعافي القطاع غير النفطي، ومساهمة الإصلاحات في تقوية إطار المالية العامة، والإصلاحات على جانب الإيرادات غير النفطية، مشيرين إلى أن توقُّع الصندوق الدولي ارتفاع النمو غير النفطي على المدى المتوسط؛ ليبلغ من 3 % إلى 3,2 % في عام 2019م، مع زيادة الإنفاق الحكومي، وارتفاع مستوى الثقة في الاقتصاد السعودي، يؤكد ارتفاع مستوى الثقة في الاقتصاد السعودي، واستمرار الحكومة في تنفيذ السياسات الاقتصادية والإصلاحات الهيكلية؛ لتكون عاملاً أساسيًّا في النهوض بالنمو غير النفطي، وتخلق فرص العمل للمواطنين، وتحقق أهداف رؤية 2030.
وقد أكد تقرير صندوق النقد الدولي أن الآفاق المستقبلية للاقتصاد السعودي إيجابية على المدى المتوسط، وأكد أيضًا استمرار تحسُّن معدلات نمو القطاع غير النفطي على المدى المتوسط، ومواصلة المملكة الإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال، وأن ربط سعر الصرف بالدولار الأمريكي لا يزال هو الخيار الأفضل للمملكة، وأن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بدأت تُحدث أثرًا إيجابيًّا على الاقتصاد. كما أثنى التقرير على متانة القطاع المالي السعودي وقوته؛ إذ يعد من أقوى القطاعات المالية في العالم.
كما حدَّد صندوق النقد الدولي خمسة تأثيرات اقتصادية مباشرة وغير مباشرة للمملكة، وصفها بالمهمة والمفصلية على الصعيدين العالمي والإقليمي، وتعكس ثقلها والنتائج التي حققتها برامج رؤية 2030. ومن هذه التأثيرات إدارة تعديلات إنتاج النفط بموجب اتفاقية «أوبك»، وإصدار السندات، وإقبال المستثمرين الأجانب عليها، وتقديم مساعدات مالية للعديد من البلدان، وتأثير التداول على جميع دول المنطقة، وتدفقات التحويلات من الأجانب إلى بلدانهم.
وقد شهد الاقتصاد السعودي تحسنًا في معدلات النمو مدعومة بخطط الدولة الرامية إلى تنويع مصادر الدخل، وأسهم ذلك في ترسيخ مكانة المملكة بوصفها وجهة قادرة على مواصلة استقطاب المستثمرين؛ وهو ما حقق قيمة مضافة للاقتصاد المحلي.
وتأتي المؤشرات التي أعلنتها الهيئة العامة للإحصاء لتؤكد فاعلية برنامج التوازن المالي (أحد أهم برامج رؤية 2030) الهادف لتعظيم الإيرادات النفطية وغير النفطية، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي وإدارة المخاطر المصاحبة؛ إذ شهد اقتصاد المملكة نموًّا لافتًا في القطاع غير النفطي. كما أسهمت السياسة المالية التوسعية لعام 2019م، التي أعلنتها الحكومة، في نمو القطاع غير النفطي خلال أرباع السنة الحالية؛ إذ أظهرت المؤشرات الاقتصادية للمملكة تحسنًا مستمرًّا رغمًا عن المعنويات الاقتصادية العالمية الضعيفة، وكان متوقعًا نمو الناتج الإجمالي المحلي السعودي؛ إذ إن محركات «رؤية المملكة» تعمل وفق الأسس الموضوعة لها، كما أن القطاعات المختلفة تتحرك وفق أسس استراتيجية بعيدة المدى؛ وهو ما أسهم في تدعيم الأداء الاقتصادي بشكل عام. كما أقرت مؤسسات اقتصادية مستقلة دولية أخرى بأن المملكة استطاعت المحافظة على وضعها التصنيفي في حين أن دولاً نفطية أخرى لم تتمكن من ذلك.
وقال عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله بن أحمد المغلوث إن تقرير صندوق النقد الدولي عن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في السعودية أشاد بجهود دعم وتنويع الاقتصاد، واستمرار تعافي القطاع غير النفطي، ومساهمة الإصلاحات في تقوية إطار المالية العامة والإصلاحات على جانب الإيرادات غير النفطية، وزيادة حجم الإقراض المصرفي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وإطار الحوكمة، ومكافحة الفساد، وجهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتطبيق نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الجديد.. وجميع هذه الجهود لعبت دورًا إيجابيًّا، وحققت وفورات للمالية العامة؛ إذ بدأت تجني ثمارها، وأدت هذه الإصلاحات إلى تحسين إدارة المالية العامة؛ وهو ما ساعد في رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، والحد من مخاطر الفساد في عملية المشتريات، وتعزيز الشفافية المالية العامة.
وأضاف الدكتور المغلوث: يتوقع الصندوق الدولي أن يرتفع النمو غير النفطي الحقيقي على المدى المتوسط ليبلغ من 3 % إلى 3,2 % في عام 2019م، مع زيادة الإنفاق الحكومي وارتفاع مستوى الثقة في الاقتصاد السعودي. وهذا يؤكد استمرار الحكومة في تنفيذ السياسات الاقتصادية والإصلاحات الهيكلية؛ لتكون عاملاً أساسيًّا في النهوض بالنمو غير النفطي، وتخلق فرص العمل للمواطنين، وتحقق أهداف رؤية 2030، إضافة إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي يترجم أثر الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها المملكة في ظل الوصول إلى تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030؛ إذ إن تطورات الاقتصاد السعودي تحظى بمتابعة متواصلة من مؤسسات التقييم الدولية باعتبار المملكة نجحت منذ العام الماضي والنصف الأول من العام الجاري في تنويع الإيرادات غير النفطية.
من جهته، قال المستشار الاقتصادي سليمان العساف إن التقرير الصادر من صندوق النقد الدولي عن السياسة النقدية والمالية والإصلاحات الاقتصادية عمومًا في المملكة جاء في نحو 90 صفحة، تناولت جميع الجوانب الاقتصادية والمالية والاجتماعية والرؤية والإصلاحات في المملكة. وأكد نمو وتعافي القطاع غير النفظي مشيرًا إلى أنه في عام 2019م يتوقع أن يرتفع 2,9 %، وهو أفضل في السنوات القادمة رغم أن التقرير توقع أن هناك انخفاضًا في معدل النمو في الناتج المحلي 2019 إلى 1,9 % نزولاً من 2,2 % في العام الماضي؛ وذلك لسببين: السبب الأول: انخفاض متوسط أسعار النفط خلال 2018م و2019م. والأمر الآخر التزام المملكة مع دول «أوبك» بتخفيض الإنتاج النفطي.
وأضاف العساف: كذلك أثنى التقرير على انخفاض معدل البطالة في المملكة رغم أنها ما زالت مرتفعة؛ لأن الرؤية ترى أنها تكون بحدود 7 %، وهي الآن 12.50 % نزولاً من 12,9 %. كما أكد التقرير انخفاض أسعار العقارات، وانخفاض التضخم بالمملكة. كذلك تحدَّث التقرير عن توقعاته بنمو الناتج المحلي بالرغم من أنه سوف ينخفض هذا العام عن العام الماضي. ويتوقع التقرير أنه خلال عام 2020م ستصل نسبة النمو إلى 3 %، وهو أعلى من العام الماضي والعام الحالي والعام الذي يليه. كذلك أثنى على التوسع الحكومي في الإنفاق لدعم القطاع الخاص، لكن أوجب الحذر في سياسة هذا التوسع. وأثنى كذلك على الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها المملكة، كما أثنى على وأيد ضرورة بقاء ربط الريال السعودي بالدولار الأمريكي.
وأردف العساف: التقرير أثنى على القطاع المالي السعودي وقوته وصلابته؛ إذ إنه من أقوى القطاعات المالية في العالم. وكذلك تحدث التقرير عن رؤية 2030، وأنها انتقلت من التصميم إلى التنفيذ. وأثنى كذلك على التوسع في مشاركة المرأة، وتمكينها، وعلى دعم الأسر المحتاجة وتوجيه الدعم لمستحقيه بدلاً من أن يكون متاحًا للجميع، وعلى الدور السعودي والسعي لدعم القطاع الخاص والمنشآت الصغيرة والمتوسطة حتى تكون هي القائد والمحرك للاقتصاد في المملكة.
وأضاف العساف: التقرير أصدر توصيات عدة، من ضمنها زيادة ضريبة القيمة المضافة في المملكة من 5 % إلى 10 % بالاتفاق مع دول الخليج. ويعتبر ذلك رأيًا خاصًّا، ولكن حكومة المملكة هي من ترى الأفضل والأصح للاقتصاد وللمواطنين وللقطاع الخاص الذي تسعى إلى دعمه وتقويته، وجعله يأخذ زمام المبادرة.
التقرير بصفة عامة أثنى على السياسات في المملكة، المالية والاقتصادية بصفة عامة، وهذا يثبت أن رؤية المملكة 2030 تسير في إطارها وطريقها الصحيح.