مها محمد الشريف
جمهورية قبرص ثالث أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط ومن أشهر المناطق السياحية في العالم، استقلت عن بريطانيا سنة 1960 وبقيت عضوًا في الاتحاد الأوروبي، وفي عام 1904 - 1860 سجل التاريخ نتائج اللعبة الشيطانية التي قام بها «تيودور هرتزل» الصحفي المجري اليهودي مؤسس الصهيونية المعاصرة الذي عاش في باريس وكتب عديدًا من المسرحيات والكتب السياسية، منها الدولة اليهودية، والأرض القديمة الجديدة، وقد صال وجال في الشرق والغرب يبحث عن أرض يقيم عليها مشروع الدولة اليهودية، بعد أن أسهمت معه بريطانيا والنمسا وفرنسا في البحث، وحل مشكلة اليهود، كانت قبرص من ضمن الخيارات المطروحة إلى جانب فلسطين وسيناء لإقامة دولة يهودية على أراضيها ولكن تم اختيار فلسطين وشجع على هجرة اليهود إليها.
من هنا نعيد حركة التاريخ لعرض موجز عن التركيبة القبرصية التي نكتب عنها اليوم التي انقسمت إلى ثلت تركي وثلثين يوناني بعد نزاع طويل وصراعات سياسية، تقول دائرة المعارف البريطانية إن حكاية قبرص مع دول الجوار تمتد لآلاف السنين وتتجاوز تركيا واليونان، ففي العصر البرونزي الذي يصل إلى ما بين 3 آلاف و2500 عام قبل الميلاد ارتبطت الجزيرة بعلاقات تجارية بمصر وسوريا والأناضول واليونان. شكل العلاقات حسبما جاءت في صفحات التاريخ.
ويمكن النظر إلى الاختلاف والنزاع بين مطالب قبرص من تركيا وتحدديها بالسبل التي تراها لصالحها، حيث تتركز الأهمية بينهما في تحديد الخيار الذي تراه قبرص مناسبًا، وتظل أشكال التأييد الحقيقي من المملكة العربية السعودية قائمة، وفقًا للأهداف المشتركة التي تأسست بالعلاقات الدبلوماسية السعودية بين البلدين»، وفي الواقع هي محطة جديدة وصورة مستقبلية تعيد للحاضر تلك الخلفية التاريخية للجزيرة القبرصية في البحر المتوسط.
في هذه الأثناء قام وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف، بزيارة رسمية إلى قبرص الرومية، وتعد الزيارة الأولى التي التقى العساف نظيره الرومي هير ستودوليديس، شملت العلاقات الثنائية ومناقشة القضية القبرصية، وفي مؤتمر صحفي أكَّد فيه وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف بأن الطرفين السعودي والقبرصي «على ضرورة الاستفادة من العديد من العناصر التي تجمعهما والتاريخ الذي يربط قبرص بالعالم العربي والفرص الاقتصادية التي يوفرها بلدانا».
في غضون ذلك، بدأت محادثات بين الرئيس القبرصي، وزعيم القبارصة الأتراك في شهر أغسطس الماضي حول الشد والجذب بين الطرفين والتجاوزات من الجانب التركي واستمرار التنقيب عن الغاز بالقرب من قبرص رغم العقوبات الأوروبية، فهناك عقبات وعراقيل حقيقية ينبغي تجاوزها. بل تجاهلها بما أن المملكة لديها قناعة مفادها أن العمل السياسي الحكيم حاضر في جميع المحافل الدولية ونتائجه الإيجابية تعكس مكانتها في العالم، وبقدرتها على التأثير في مثل هذه المواقف.
كانت إحدى أكثر الفقرات أهمية لهذه الزيارة الرسمية ما صرح به العساف وزير الخارجية السعودي من قبرص قائلاً: «نعم ناقشنا مشكلة قبرص وندعم مشروعية قبرص وسيادتها كما نؤيد القرار الدولي وخصوصًا الأمم المتحدة ونأمل أن يحل الطرفان المشكلة بطريقة سلمية وسنواصل دعمنا لقبرص».