د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
بدتْ بلادنا متألقة في عليائها وهي تحتفي بعقول قاطنيها من شعبها الأبي من أجل المساهمة في تحقيق أهداف «الرؤية السعودية العملاقة 2030»، فأصدرتْ القيادة الرشيدة في أواخر الشهر الماضي أمرًا ملكيًا ساميًا باستحداث [الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي] باستشراف بصير حكيم صادق بأن الذكاء الاصطناعي سوف يغير وتيرة الأعمال بتحليل البيانات الكبيرة، والاستفادة من نواتجها لتطوير كفاءة الأداء، إضافة إلى الاستفادة من أحدث التقنيات، واستثمارها في جميع مجالات الحياة.. ولقد بدتْ لنا صور جميلة حين ترتاد بلادنا قطارات الذكاء الاصطناعي، فإن المهام الروتينية سوف تندثر حتمًا؛ كما أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي سوف تساعد كبار السن وذوي الإعاقة في تسيير حياتهم، فالروبوتات المنزلية يمكن أن تساعدهم في أنشطة الحياة اليومية مثل التأكد من تناول الدواء، وإعداد الطعام، ومساعدتهم على ممارسة الرياضة والحركة، ومتابعة أنشطتهم اليومية وتنفيذ المتطلبات الطبية والعلاجية.
فيحتاج الجيل السعودي القادم من القوى العاملة البشرية إلى تدريب متخصص لصقل مهاراتهم؛ وإلى نوع من التعليم يؤهلهم للتفكير بأفق متسع؛ وإلى استحداث روابط غير عادية وغير متوقعة في كثير من المجالات؛ فالأمر السامي الكريم بتشكيل هذه الهيئة ومجلس إدارتها يعتبر أحد أهم القرارات في عهدنا الجديد، نظراً لأهمية الذكاء الاصطناعي في مجموعهِ؛ ولارتباط ذلك في جل الحراك الوطني في «السعودية الجديدة» ورؤيتها، وطموحاتها وأحلامها، ولِما يمثله هذا العلم من أهمية لمختلف القطاعات، ومحدداتها، واحتياجاتها.
فينبغي أن يأخذ تأهيل الطلاب منحى مختلفًا باستحداث ذلك المسار المعرفي العميق جدًا في الجامعات، وأن تخصص له معاهد ثانوية لاستزراع جذوره، وأن يربط اهتمام القيادة الرشيدة المتمثل في الهيئة المحدثة بكل إستراتيجيات التدريب والتأهيل التعليمي؛ وأن يُعتمد لذلك عمليات إستراتيجية ذات تأثير مُقاس؛ وذات عوائد استثمارية مُشَاهدة وحقيقية؛ فمن المسلَّم به أن قيادات الأعمال خاصة التنفيذية منها؛ يحتاجون إلى إلمام وثيق بالحواسيب لفهم صياغات التحكم بالإنتاجية والمخرجات؛ كما أن من يتلقون تعليمهم وتدريبهم في مجال الأعمال بوصفها تخصصًا رئيسًا عليهم أن يدرسوا التاريخ الاقتصادي حتى لا يتحولوا إلى مسيَّرين لا رأي لهم؛ وكذلك من يدرسون القانون والتخصصات الإبداعية الأخرى كالفنون لابد أن يتعلموا كيف يعملون في عالم يسيطر عليه الذكاء الاصطناعي حيث يحتاج الناس إلى إدارة أوقات الفراغ؛ والمهارات التنظيمية ومهارات الاتصال وغيرها، وجميع المهارات التي تجعل من الإنسان قدرة تتفوق على التقنية، فالدولة -حفظها الله- وقيادتنا الرشيدة سعتْ ْباستحداث [الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي] لتهيئة الشباب لآفاقهم المستقبلية، فلابد من المواكبة وتحضير الخلطات التي تجعل الذكاء الاصطناعي طعامًا لذيذًا للقوى العاملة السعودية من شبابنا!
وما لا نعلمه عن عمق ذلك الفضاء المكتنز كثير كثير!! ولكننا نعلم طموحات قيادتنا ونثق في قدرات العقول السعودية،،
فشكرًا لبلادنا التي دائمًا ما تُفاجئنا بحضور المستقبل قبل أن نذهب إليه.