رقية سليمان الهويريني
تشكو بعض الأسر من تعرض أطفالهم للمضايقات وأحيانًا للعنف من قبل زملائهم الطلبة في المدرسة. والتنمر المدرسي ظاهرة منتشرة منذ بدأ التعليم النظامي وقلما ينجو منها أحد خلال مسيرة حياته التعليمية! وتعمد إدارات بعض المدارس لتجاهلها أو إخفائها أو التستر على وجودها، في الوقت الذي يلزم التعاون على كشفها ومحاربتها وعلاج أسبابها وتهذيب أطرافها.
وحالة التنمر لها نتائج سلبية خطيرة، وقد تصل للموت مثلما حصل للطفل معتز الحارثي، حيث اشترك بها طرفان الأول هو الطفل الذي وقع عليه الظلم والاعتداء، والثاني هو الطفل المعتدي الذي مارس العنف كنمط سلوك ثابت، إِذ هو ضحية تربية عنيفة أسهمت في تعويده على أن يكون معتديًا لأنها برأيهم أحد أشكال الشجاعة أو البسالة، بينما هي في الحقيقة تخبيء شخصية متهاوية لا تملك ثقة بنفسها سوى بالبطش والاعتداء واستخدام العضلات القوية أو اللسان السليط.
وفيما تتجه الأنظار ويتمحور الاهتمام نحو الطرف الأول كونه ذهب ضحية، فقد كان الأولى بأسرته وإدارة المدرسة وكل من يقع عليه تنمر إصلاح أسباب التنمر وإحاطة ضحاياه بالعناية، وتوجيههم كي لا يبقوا مهزوزين أو يصبحوا مستقبلاً فرائس سهلة للمعتدين، وتبصير كل طفل بطلب العون ممن يستطيع مساعدته أو بالشكوى لمن سينصفه ويدحر العدوان عنه، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل السعي لتنمية شخصية الضحية وصقلها ليمكنه مواجهة جميع أشكال العدوان عليه.
وما يلزم إدارة المدرسة أو الوالدين نحو المتنمر هو إرشاده وتقويمه قبل أن يتطور سلوكه فيصبح أكثر عدائية وينخرط في أفعال إجرامية لا يمكن تلافيها، بعد استمراء ممارسة التنمر على زملائه وقهرهم.
والطرفان بحاجة للعلاج النفسي والتقويم للتخلص من آثار هذا السلوك الخطير الذي ينتقل معهم حتى الكبر ويحيلهم أفرادًا غير أسوياء يعانون من اضطرابات نفسية تؤثر في إنتاجيتهم ونجاحهم في الحياة.
عزائي لأسرة الطفل معتز الحارثي، وتحية لموقفهم النبيل بالتنازل عن الطفل القاتل لاستشعارهم أنه أيضًا ضحية، وتتحمل إدارة المدرسة مسؤولية إهمال متابعة الطلبة ومراقبة سلوكهم وتوجيههم.