د.عبدالعزيز الجار الله
يعيد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- إلى قصر الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الذي أمر قبل أيام بترميم القصر على نفقته الخاصة، يعيد لنا حقبة معمارية من طراز وحقب سجلنا الحضاري القديم وتاريخنا العمراني الذي تعرض كثيرًا للنسيان والهدم تحت جرافات التنمية، نحن مجتمع حضاري لا نقف في وجه التنمية لكن المحافظة على الإرث الوطني مسؤولية وطنية لأنها ثروة لا تقدر بثمن، فمن عاش في الرياض القديمة قبل أن تتغير خارطة ووجه مدينة الرياض التي كانت مخضبة بالحجر والطين والجص الأبيض، يعرف أن هناك تشكيلات معمارية عرفتها بلادنا بأطياف عدة، كانت أوائل السبعينيات الميلادية -خطط التنمية الأولى- حدًا فاصلاً للانتقال من أزمنة الطين والبيوت المسلحة (الأسمنتية) إلى أزمنة الفيلا الطراز الأوروبي طراز البلكونة المكشوفة المطلة على الشارع، وسط هذه التحولات المعمارية كان قصر الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بن فيصل شقيقة الملك عبدالعزيز -رحمهما الله-، قصر الشمسية الذي أمر ببنائه الملك عبدالعزيز عام 1354هـ للأمير سعود بن عبدالعزيز بن سعود الفيصل الكبير وشقيقة الملك الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل، كان قصرًا مميزًا ونموذجًا للقصور الطينية التي تعيش آخر مراحلها تنتمي لمرحلة لثلاثينيات الميلادية، وكان موقعه على الضفة الغربية لمجرى وادي البطحاء الذي كانت مصادر سيوله من الهضاب الواقعة في حي الوزارات، وتحول شعيب البطحاء إلى مجرى تحت شارع البطحاء.
كان موقع قصر الأميرة نورة إستراتيجيًا في ذلك الزمن حيث كان يحتل زاوية المربع الشمالية الشرقية وبالقرب من قصر المربع التاريخي قصر الحكم للملك عبدالعزيز، وتعد الشمسية من البدايات التي شهدت تطوير الرياض حيث تم إنشاء أمام القصر دوار سمير أميس والعمائر الجديدة أمام الدوار، وعلى بدايات القصر تأسس شارع الوزير حاليًا الملك فيصل وكان هذا الشارع بداية حياة جديدة للرياض، وشرقي القصر ووادي البطحاء والشمسية أنشأت أحياء حلة القصمان التي كانت من أكبر التجمعات السكانية والتجارية حين كانت الرياض تتكون من حلل والحارات، كما يقابل القصر مبنى مجلس الوزراء، ومبنى الاتصالات (البرقية) ومؤسسة النقد وحي الغرابي التجاري وجنوبه شارع الخزان الذي يعد بداية الانتقال من رياض إلى رياض.