إيمان الدبيان
أيام فقط ويعود بنا الزمن إلى الاحتفاء بيوم التأسيس، ذلك اليوم، الذي كل يوم له في قلوبنا سكن، فقط أيام وترتفع السيوف برّاقة، وتشْرَئِبُ الأعناق إلى هامات المجد توّاقة، فقط أيام ونطبع تسعاً وثمانين قُبْلةً على الثرى، ونتغنى بأفراح تسرُ الصديق وتدْحَر عدوا بالحسدِ اكتوى.
نجد عِشْقِي، وهوايَ، وموطني، ونقطة انطلاق عِزّي، وفخري، منك أُعلم أجيالاً معنى الولاء، ومنك أغرس في النّاشئة كنخيلك كيف يكون العطاء، فرحم الله مؤسساً نَدِيْن له إلى اليوم -بعد الله- بالأمن والرخاء، في كل شبر على الحجاز الشامخين بها، وبمقدساتنا، وبطاحها، وعلى كل ساحل في شرقنا العاشقين لشواطئها، وفي الشمال كحَاتِمِها كُنَّا وما زلنا نَمُدُّ للعالم يَد الكرم، وفي الجنوب عسيرين لمن يحاول تجاوز وحدتنا أو بنا اصْطَدَم.
منذ تسعةٍ وثمانين عاماً وإلى اليوم بفضل الله ثم بجهود الملك عبدالعزيز ومن بعده ملوك المملكة ودور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ونحن نتقدم ولا نتأخر، نتغير نحو الأفضل ونتطور، نبني الإنسان لينهض الوطن، شباب ينافسون كل العالم علماً، ويحفظون حدود الوطن جنداً، وفي الثقافة ينيرون شعلتها فكراً، وكل أفراد الشعب يلتحمون مع قادتنا كالسوار حول المعصم حباً.
نعم هذه هي المملكة العربية السعودية قوية صامدة، والمواقف والتواريخ شاهدة، فجيوشنا تضرب بِيَدِ الحَزم في الجنوب وقواتنا تمسح بِكَف العطف والتعاون في الحج، نحلق في أغلى سماء من صنع رجالنا، وسفراء في بعض المحافل بعقول نسائنا، نستضيف القِمَم، ونُوْقِدُ الهمم، نُودِّعُ مؤتمراً ونُحَضِّرُ في نفس الوقت لآخر، أثبتنا لأنفسنا وللعالم نجاح رُؤيتنا وثبات اقتصادنا، حققنا ما رَسمْنا رغم العوائق والصعوبات، نخطط ونعمل ونصل لا نرضى إلا بالقِمَّة ولا نعيش بلا هِمَّة.
في الثالث والعشرين من سبتمبر نحتفل بتأسيس وتوحيد الوطن على يد الملك الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود واحتفالنا ليس شكلاً فقط وإنما يجب أن يكون جوهراً ومضموناً، فلا نسمع للشائعات التي تُحاك ضِدّنا، ولا نلتفت للأكاذيب والحِيَل التي تُنْسَج لتعطيل هِمَمْنا فالّذين يَتمنَّون تعثُرنا كثيرون والذين يتلذَّذُون بكل ما يسيء لنا متعددون، فكل عام ووطني في أمن ونماء وكل عام ونحن ومَلِكنا وولي عهده في خيرٍ ورخاء.