تعيش المملكة العربية السعودية فترة زمنية مُهمة في تاريخها المعاصر، ولن أكون مُبالغًا في قولي إن ذلك لم يحدث من قبل، وهو تغيير للأفضل بكل المقاييس، وظهرت ملامح التغيير واضحة جلية للعيان منذ عامين على وجه التحديد، والمُتفحِّص لذلك المشهد سيرى تطوُّرًا في كافة الجوانب، الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، أو الحضارية، وسأكون مُحايدًا في جميع ما أسوقه بهذا المقال.
(طموحنا أن نبني وطناً أكثر ازدهاراً يجد فيه كل مواطن ما يتمناه.. فمستقبل وطننا الذي نبنيه معاً لن نقبل إلا أن نجعله في مقدمة دول العالم) مقولة
* ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود
إن التطور في حدّ ذاته من الأمور المطلوبة والملحة، ويجد صدى واسعًا لدى كافة المواطنين، ومن منَّا لا يتمنَّى أن يرى الحياة بشكل أفضل؟! (برنامج جودة الحياة) مع وجود كيانات حديثة مُسخَّرة لخدمة جميع المواطنين داخل المملكة، وعماد ذلك هو المساواة والعدل؛ وهذا ليس بحلم، بل هو ما يحدث بالفعل على أرض الواقع؛ فشعار وُلاة أمورنا ولله الحمد هو المواطن السعودي في المقام الأول والأخير، ونلحظ ذلك من خلال رُؤى وخُطط وإستراتيجيات (رؤية 2030) تقول إن المستقبل سيكون أفضل.. وبكل تأكيد، والقاعدة داخل المملكة مُهيَّأة لذلك؛ سواء ما يتعلق بالمقومات المادية، أو الطاقات البشرية.
هناك كثير من التساؤلات التي بدأت تلوح في الأفق، وتصدُر من وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة فيما يتعلق بالمتغيرات الاجتماعية التي تشهدها الأسرة السعودية، وبالطبع يوجد قبول لتلك المتغيرات مع وجود نسبة متحيرة، وذلك أمر صحي يوجد في كل المجتمعات المتقدمة، ونتقبل الآراء بصدر رحب، والحق مكفول للجميع في التعبير عمَّا يجول بأذهانهم طالما لا يوجد تجاوز في القول، وذلك هو قمة التحضر والرقي.
ومبررات المُتقبِّلين لذلك هو أن تلك المتغيرات الاجتماعية تجعل من المملكة مُواكبة لجميع ما يطرأ في دول العالم من تطوُّرات، وذلك لا يحدث بمعزل عن غيره من جوانب التقدم؛ ومن لا يعلم أهمية ذلك؛ فسيعيدنا للقرون السابقة وسننعزل، ونعود لنقطة البداية الحضارية، فالعالم أصبح قرية صغيرة، ولن نستطيع أن نعيش بمفردنا.. أما مبررات المتحيرين فتتمثل في المقام الأول بمدى حرصهم وتخوفهم على الثوابت الوهمية (المبرمجة)، والعادات، والتقاليد. وللفريقين منَّا كامل الاحترام والتقدير؛ سواء المتقبلين أو المتحيرين.
ولعلني هنا أكون مُحايدًا فيما أسرده، فنحن جميعنا نبحث عن رفعة شأن هذا الوطن في جميع المناحي، ومن هذا المنطلق أقول: إن ما نشهده من زخم اجتماعي ومتغيرات بوتيرة مرتفعة في هذا الشأن أمر لا بد منه، ويسير بالتواكب مع مختلف ما نشهده من تطوُّرات، وأعترف بأن هناك سلبيات؛ ولكن الإيجابيات أكثر وأعظم لأجيالنا القادمة.
الأسرة هي الوحدة البنائية للمُجتمع، ومهما كان للمسؤول دور في حماية المواطنين من السلبيات والآفات الاجتماعية، فإن ذلك لن يكون بديلاً عن الدور الأسري؛ فهي المتحكم الأول في سلوكيات الأبناء، والتغييرات الاجتماعية والثقافية والحضارية تمثل نقلة مهمة، ويمكن ألا ننسلخ من جلدتنا كما يتصوَّر البعض، ونحافظ على ديننا وعاداتنا وتقاليدنا، ولنا في الصين والهند وغيرهما المثل في ذلك؛ فعلى الرغم من بلوغهم مستوى مرتفعًا من التطور والتقدم، وتبوئهم المكانة اللائقة في مختلف الجوانب، وأجزم أن الجميع يوافقني في ذلك؛ غير أنهم يحافظون على موروثاتهم، إنها مُعادلة صعبة... ولكن يمكن تحقيقها؛ بمشاركة وتكاتف الجميع.
إن من يقف ضد التطوُّر في جانبه الاجتماعي له أسبابه؛ ولكن ينبغي أن ينظر للأمور بنظرة مُغايرة وبشكل أوسع وأعمق، ويبحث عن حل للسلبيات من زاويا أخرى؛ فقطار التطوُّر لن يقف في جميع الجوانب، وبالقدر نفسه، شئنا أم أبينا، ويقول المثل المعروف: «أنظر إلى الجزء المملوء من الكأس».